للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يخوفُ المؤمنينَ.

وقوله تعالى {أَوْلِيَاءَهُ} حُذِف منه الجارُّ، أي: بأوليائهِ، أو: مِن أوليائه، فَلَمَّا حُذِفَ الجار، وَصَلَ الفعلُ إلى المفعول الثاني فَنَصَبَهُ.

ومثله -مِن حذفِ المفعول منه-، قولُه: {فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} [القصص: ٧] المعنى: إذا خِفْتِ عليه فِرْعَونَ أو الهلاكَ.

والجارُّ المُظْهَرُ في قوله: {فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ}، بمنزلة المحذوف مِن قوله: {أَوْلِيَاءَهُ}.

والتقديرُ عندهم: يُخَوِّفُكم بأوليائِهِ.

قال الفَرّاءُ (١): ومِثْلُهُ، قولُهُ: {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ} [غافر: ١٥]؛ معناه: لِيُنْذِرَكُمْ بِيَومِ التَّلاقِ. وقوله: {لِيُنْذِرَ بَأْسًا} [الكهف: ٢]؛ معناه: لِيُنْذِرَكُمْ بِبِأسٍ.

هذا الذي ذَكَرْنَا: مذهب الفرّاء، والزّجاج (٢)، وأبي علي (٣).

والذي يدلّ عل هذا: قراءةُ أُبَيِّ بن كعب: (يُخوِّفُكُمْ بِأَوْلِيَائِهِ) (٤). وللمفسِّرِينَ في هذه الآية مذهبان، سِوَى ما ذكرنا:

أحدهما: أنَّ هذا، على قول القائل: (خَوَّفْتُ زَيْدًا عَمْرًا). ومعنى الآية: يُخَوِّفكم أولياءَهُ. فحذف المفعول الأول؛ كما تقول: (أعطيتُ


(١) في "معاني القرآن" له ١/ ٢٤٨، نقله عنه بمعناه
(٢) في "معاني القرآن" له ١/ ٤٩٠.
(٣) لم أقف على مصدر مذهبه.
انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٢١، و"تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص ١٠٨، و"تأويل المشكل" له ٢٢٢، و"معاني القرآن" للنحاس ١/ ٥١٢.
(٤) أخرج القراءة عنه بسنده: الثعلبيُّ في "تفسيره" ٣/ ١٥٨ أ، وذكرها البغوي في "تفسيره" ٢/ ١٣٩, وأبن عطية في "المحرر الوجيز" ٣/ ٤٢٩، وأبو حيان في "البحر" ٣/ ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>