للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يريدون: جمع الحاج، فقد يمكن أن يكونوا سموا بالمصدر، وتقديره: ذوو حج، قاله أبو علي، قال: وأنشد أبو زيد:

وكأن عافية النسور عليهم ... حُجُّ بأسفلِ ذي المَجَاز نُزُولُ

وقوله تعالى: {أَوِ اَعْتَمَرَ} قال الزجاج: قصد، وقال غيره: زار، قال أعشى باهلة:

وراكبٌ جاء من تثليث معتمرُ

قال الأزهري: وقد يقال: الاعتمار: القصد، وأنشد للعجاج:

لقد سما ابن مَعْمَرٍ حينَ اعْتَمَر ... مَغْزى بعيدًا من بعيدٍ وضَبَر

يعنى: حين قصد مغزى بعيدًا.

وقوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَليْهِ} الجناح: الإثم، وأصله: من الجنوح، الذي هو الميل، يقال: جَنَحَ: مال، ومنه قوله: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: ٦١] وقيل للأضلاع: جوانح؛ لاعوجاجها، قال ابن دريد: معنى (لا جناح عليكم) أي: لا ميل إلى مأثم. وجناح الطائر من هذا؛ لأنه يميل في أحد شقيه، ليس على مستوى خلقته، فمعنى الجناح: الميل عن الحق.

وقال أبو علي الجرجاني: معنى {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ} أينما ذكر في القرآن: لا ميل لأحد عليه بمطالبة شيء من الأشياء، هذا هو الأصل، ثم صار معناه: لا حرج عليه، ولا ذنب عليه.

قال ابن عباس: كان على الصفا صنم، وعلى المروة صنم، وكان أهل الجاهلية يطوفون بينهما، ويمسحونهما، فلما جاء الإسلام وكسرت الأصنام كره المسلمون الطواف بينهما؛ لأجل الصنمين؛ فأنزل الله عز وجل هذه الآية، منبها لهم على أن الطواف بالصفا والمروة لا تبعة فيه عليهم، وأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>