خامسًا: وردت في كتاب "البسيط" ألفاظ لا تتناسب مع مكانة القرآن الكريم، الذي شهد الله له بأنه أعلى درجات الفصاحة، وتحدى المشركين بذلك، ومن تلك الألفاظ التي قالها الواحدي أو نقلها عن غيره، ما ذكره عند تفسير قوله تعالى:{ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} الآية [البقرة: ١٧] قال: وكان يجب في حق النظم أن يكون اللفظ: فلما أضاءت ما حوله أطفأ الله ناره؛ ليشاكل جواب "لما" معنى هذه القصة. ولكن لما كان إطفاء النار مثلًا لإذهاب نورهم أقيم ذهاب النور مقام الإطفاء وجعل جواب "لما" اختصارًا وإيجازًا، وهذا طريق حسن في الآية.
فأي نظم نضعه أصلًا ونقيس كلام الله عليه ونقرر أنه يجب أن يكون على كذا، ثم قال: وهذا طريق حسن في الآية. وقد يلمح منه أن هناك ما هو أحسن منه. ربما يكون الواحدي ناقلًا عن صاحب "نظم القرآن" وعلى كلا الأمرين فهذا الكلام لا يليق أن يقال وصفًا لكلام رب العالمين.
وعند تفسير قوله تعالى:{قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}[البقرة: ٦٧] قال: .. وكان حقه أن يقول: فقال: أعوذ بالله، لأنه عطف على ما قبله. قال الفراء: وهذا في القرآن كثير بغير "الفاء" وذلك أنه جواب يستغنى أوله عن آخره بالوقفة عليه، فكان حسن السكوت يجوز به طرح الفاء.
سادسًا: يذكر الواحدي أسماء شيوخه أو من ينقل عنهم بغير الأسماء
(١) انظر: المقابلة بين النصين في "البسيط" و"الحجة" عند قوله تعالى {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ..}.