للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذهب بعضهم إلى تأويل هذه الآية: إن الله لا يظلم مثقال ذرة للخصم على الخصم، بل يأخذ له ومنه، ولا يظلم مثقال ذرة تبقى للخصم، بل يثيبه عليها ويُضعفها له. واحتجوا بما روي عن ابن مسعود أنه قال: يُؤتى بالعبد يوم القيامة وينادي منادٍ على رؤوس الأولين والآخرين: هذا فلان بن فلان، من كان له عليه حق فليأت إلى حقه. ثم يقال له: آت هؤلاء حقوقهم. فيقول: يا رب من أين وقد ذهبت الدنيا. فيقول الله لملائكته في أعماله الصالحة: فأعطوهم منها، فإن بقي مثقال ذرة من حسنة ضعّفها الله تعالى لعبده وأدخله الجنة بفضل رحمته.

ومصداق ذلك في كتاب الله {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} (١).

وقوله تعالى: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً}. الأصل: وإن تكن (بالنون) كقوله: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا} [النساء: ١٣٥]، وذلك أن النون إذا سكنت (٢) للجزم وسقطت الواو لسكونها وسكون النون فصار (تكن)، ويجوز حذف النون من تكن؛ لأنها ساكنة وهي تشبه حروف اللين، وحروف اللين إذا وقعت طرفًا سقطت، كقولك: لم أدر، وإن تدع. كذلك حُذفت هذه النون استخفافًا لكثرة الاستعمال كما قالوا: لا أدرِ ولم أبل، والأصل: لم أبال ولا أدري.


(١) أخرجه بنحوه الطبري ٥/ ٨٩ - ٩٠ بأكثر من طريق، وابن أبي حاتم ونقله ابن كثير ١/ ٥٤٤ عنه بإسناده ثم قال: "ولبعض هذا الأثر شاهد في الحديث الصحيح" وصحح إسناد ابن أبي حاتم أحمد شاكر في تحقيقه للطبري، وقال عن هذا الأثر: "والحديث أثر موقوف على ابن مسعود، ولكني أراه من المرفوع حكمًا، فإن ما ذكره ابن مسعود مما لا يعرف بالرأي، وما كان ابن مسعود ليقول هذا من عند نفسه، وليس هو ممن ينقل عن أهل الكتاب ولا يقبل الإسرائيليات". وانظر: "الدر المنثور" ٢/ ٢٩٠.
(٢) في (د): (سقطت).

<<  <  ج: ص:  >  >>