للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ} أعرض عنه ولم يؤمن (١).

وتأويل الآية: أن اليهود مهما ذُكر منهم من البُخل والجهل والحسد، فقد آمن به بعضهم.

ومن قال: إن الوعيد المذكور في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا} [النساء: ٤٧] (٢) إنما أوعدوا به في الدنيا، قال: ذلك الوعيد صرف عنهم بإيمان هذا الفريق الذين ذكرهم الله في قوله: {فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ} ولذا قال: {وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا} أي: إن كان صرف بعض العقاب فكفى بجهنم عذابًا لمن لا يؤمن (٣).

وقال السدي وجماعة: {فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ} أي من أمة إبراهيم من آمن بإبراهيم، ومنهم من صدّ عنه كما أنكم في أمر محمد عليه السلام كذلك (٤).

وفائدة هذا الكلام ههنا أنَّ تأويله ليس في ترك بعضكم الإيمان بمحمد عليه السلام توهين لأمره، كما لم يكن في ذلك توهين لأمر إبراهيم.

وقال الفراء: لما تليت على اليهود قوله: {فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [النساء: ٥٤] الآية كذب بذلك بعضهم وصدق بعضهم، وهو قوله: {فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ} أي بالنبأ عن سليمان وداود ومما أبيح لهما من النساء {وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ} بالتكذيب والإعراض (٥).


(١) هذا قول مجاهد ومقاتل والكلبي، انظر: "تفسير مجاهد" ١/ ١٦٢، الطبري ٥/ ١٤١, "بحر العلوم" ١/ ٣٦١، "زاد المسير" ٢/ ١١١، ولم أقف عليه عن ابن عباس.
(٢) من القسم الساقط.
(٣) انظر: الطبري ٥/ ١٤١.
(٤) انظر: "معالم التنزيل" ٢/ ٢٣٦، "زاد المسير" ٢/ ١١٢، "الدر المصون" ٤/ ٧.
(٥) "معاني الفراء" ١/ ٢٧٥ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>