للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقول: هذا في أول ما بُعث، ويقول في معنى قوله: {فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} أي حافظًا لهم من التولي والإعراض كما قال جل وعز: {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ} [الشورى: ٤٨] ثم أمر فيما بعد بالجهاد والإكراه بالسيف، ونُسخ هذا وأمثاله.

وهذا معنى قول ابن زيد (١)، واختيار ابن قتيبة (٢).

ومنهم من يجعل التولي ههنا إضمار العداوة للرسول، والإعراض عنه في السر؛ كتولي المنافقين، ويقول في قوله: {فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} أي حافظًا لهم من المعاصي حتى لا تقع، حافظًا لأعمالهم التي يقع الجزاء عليها؛ لأن الله هو المُجازي بها. وإلى هذه الطريقة مال أبو إسحاق؛ لأنه يقول في قوله: {فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}: تأويله والله أعلم أنك لا تعلم غيبهم، وإنما لك ما ظهر منهم (٣).

ومعنى جواب الجزاء في قوله: {وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ} كأنه يقول: ومن تولى فليس عليك بأس لتوليه؛ لأنك لم ترسل عليهم حفيظًا من المعاصي حتى لا تقع، أو حفيظًا لأعمالهم التي يقع الجزاء عليها، فتخاف ألا تقوم بها على ما ذكرنا (٤). وعلى هذه الطريقة لا موضع للنسخ في الآية.


(١) أخرجه الطبري ٥/ ١٧٧، وانظر: "الدر المنثور" ٢/ ٣٣١.
(٢) انظر: "تفسير غريب القرآن" ص ١٢٧، و"الكشف والبيان" ٤/ ٩٠ ب، والقرطبي ٥/ ٢٨٨.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٨٠، وانظر: "التفسير الكبير" ١٠/ ١٩٤.
(٤) انظر: الطبري ٥/ ١٧٧، "تفسير الهواري" ١/ ٤٠٢، "الكشاف" ١/ ٢٨٤، "التفسير الكبير" ١٠/ ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>