الاستنباط ليس بتلاوة، بل هو اعتبار وقياس وحكم بالمعاني المودعة في النصوص (١).
وقوله تعالى:{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} إلى آخرها. فيه تذكير للمؤمنين بنعمة الله عز وجل في لطفه لهم، حتى سَلِموا من النفاق وما ذُم به المنافقون.
وذكر صاحب النظم وجهًا آخر في الاستثناء، فزعم أن الاستثناء متصل بقوله:{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} دون قوله: {لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ} على تأويل: ولولا فضل الله عليكم ورحمته إلا قليلًا ممن لم يُدخله في رحمته وفضله، فاتبعوا الشيطان، لاتبعتم أنتم الشيطان، فيكون الممتنع من اتباع الشيطان بفضله ورحمته، وغير الممتنع منه من لم يصبه فضل الله ورحمته، وهذا هو الصواب إن شاء الله انتهى كلامه.
فإن قيل على هذا: الذين اتبعوا الشيطان كانوا أكثر من الذين امتنعوا من اتباعه فكيف يجعلهم قليلًا؟ قيل: هذا خطاب للذين أظهروا الإيمان من المخلص والمنافق، والذين نافقوا واتبعوا الشيطان كانوا أقل من المخلصين، فلذلك جعلهم قليلًا.