للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان عمر -رضي الله عنه- يقول: "لا يقولن أحدكم: [قضيت] (١) بما أراني الله، فإن الله تعالى لم يفعل ذلك إلا لنبيه". وكان يقول: "إنَّ رأي النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مصيبًا، لأن الله تعالى كان يريه إياه، وهو منّا ظن وتكلف" (٢).

وقال الحسن: "رأي الأنبياء عليهم السلام وحي" ثم تلا هذه الآية (٣).

قال أبو علي: لا يخلو (أراك) من أن يكون منقولًا بالهمزة من رأيت، التي يراد بها رؤية البصر، أو رأيت، التي تتعدى إلى مفعولين، ورأيت الذي بمعنى الرأي الذي هو الاعتقاد، فلا يجوز أن يكون من الرؤية التي معناه: أبصرت بعيني؛ لأن الحكم في الحوادث بين الناس ليس مما يدرك بالبصر، ولا يجوز أن يكون من: رأيت، التي يتعدى إلى مفعولين؛ لأنه كان يلزم بالنقل أن يتعدى إلى ثلاثة، مفعولين (٤)، وفي تعديه إلى مفعولين، أحدهما الكاف التي للخطاب، والآخر: المفعول المقدر حذفه من الصلة، تقديره: بما أراكه الله، ولا مفعول ثالثًا في الكلام، وذلك في دلالة على أنه من رأيت، التي معناها الاعتقاد والرأي، وهو يتعدى إلى مفعول واحد، فإذا نقل بالهمزة تعدى إلى مفعولين، كما ذكرنا في التقدير (٥).


(١) ما بين المعقوفين غير واضح وضوحًا تامًّا، وما أثبته قريب.
(٢) قال السيوطي: "أخرج ابن المنذر عن عمرو بن دينار أن رجلاً قال لعمر: (بما أراك الله) قال: مه، إنما هذِه للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة "الدر المنثور" ٢/ ٣٨٦. هذا ما وقفت عليه عن عمر رضي الله عنه.
(٣) لم أقف عليه.
(٤) لعل هذِه الكلمة زائدة، أو مصحفة عن "مفاعيل".
(٥) من "المسائل الحلبيات" لأبي علي ص ٧٠، ٧١ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>