للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله في كتابه فقال: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ} يعني طعمة ومن عاونه من قومه، وهم يعلمون أنه سارق (١). والاختيان كالخيانة، يقال: خانه واختانه. وذكر ذلك عند قوله: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: ١٨٧] ومعنى (يختانون أنفسهم): يخونوها (٢) بالمعصية، والعاصي خائن لأنه مؤتمن على دينه.

ويجوز أن يكون المعنى: أن وبال خيانتهم راجع إليهم بالفضيحة في الدنيا والعقوبة في الآخرة، فكأنهم خانوا أنفسهم وإن خانوا غيرهم في الظاهر (بالسرقة كما يقال لمن ظلم غيره: إنه قد ظلم نفسه.

وقد صرحت الآية بالنهي) (٣) عن المجادلة عن الظالمين في القليل والكثير، ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جادل عن طعمة على غير بصيرة، (.. (٤) ..) الله تعالى بهذا، وأمره بالاستغفار، ونهاه عن المعاودة إلى مثله، فما ظنك بمن يعلم ظلم الظالم، ثم يستجيز معاونته؟!

وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} قال ابن عباس: "يريد خوانًا فاجرًا" (٥).

قال المفسرون: إن طعمة خان في الدرع، وأثم في رميه اليهودي، فقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} (٦).


(١) "معاني الزجاج" ٢/ ١٠١.
(٢) هكذا في المخطوط، والصواب: "يخونونها" بالرفع.
(٣) ما بين القوسين متكرر في المخطوط، ولعله سهو من الناسخ.
(٤) ما بِين القوسين كلمة غير واضحة في المخطوط، والظاهر أنها: فعاتبه.
(٥) "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ٩٦، وانظر: "بحر العلوم" ١/ ٣٨٥.
(٦) من الثعلبي في "الكشف والبيان" ٤/ ١١٧ ب بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>