للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا}، أكثر المفسرين على أن هذا من العدول الذي هو الميل والجور، على معنى: واتقوا أن تعدلوا (١)، فحذف؛ لأن في النهي عن اتباع الهوى دليلًا على الأمر بالتقوى.

وهذا معنى قول مقاتل، لأنه قال: {فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى} في الشهادة، واتقوا الله {أَنْ تَعْدِلُوا} عن الحق إلى الهوى (٢).

وقال ابن عباس: يريد أن تميلوا عن العدل، وهو قول الكلبي أيضًا (٣).

وعند الفراء والزجاج: يجوز أن يكون {تَعْدِلُوا} من العدل على معنى: ولا تتبعوا الهوى لتعدلوا، كما تقول: لا تتبعن هواك لترضي ربك، أي: أنهاك عن هذا كيما (٤) ترضي ربك. قاله الفراء (٥).

وقوله تعالى: {وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا} يجوز أن يكون من لوي بمعنى المدافعة (٦)، ويجوز أن يكون من لوى الشيء إذا قتله (٧)، وكلاهما قريب.

قال مجاهد: {وَإِنْ تَلْوُوا} تبدِّلوا الشهادة {أَوْ تُعْرِضُوا} تكتموها فلا تقيموها (٨).


(١) دعوى أن أكثر المفسرين على هذا القول فيها نظر، فلم أجد من ذهب إلى ذلك غير الطبري مع أنه أشار إليه إشارة في "تفسير الطبري" ٥/ ٣٢٣، وقد عزاه في "زاد المسير" ٢/ ٢٢٢، إلى مقاتل، وانظر: "الدر المصون" ٤/ ١١٧.
(٢) "تفسيره" ١/ ٤١٤، وانظر: و"زاد المسير" ٢/ ٢٢٢.
(٣) لم أقف عليهما.
(٤) في المخطوط "كما"، وهو تصحيف ظاهر، انظر: "معاني الفراء" ١/ ٢٩١.
(٥) "معاني القرآن" ١/ ٢٩١، وانظر: "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج ٢/ ١١٨.
(٦) انظر: الطبري ٥/ ٣٢٥، و"معاني الزجاج" ٢/ ١١٨.
(٧) انظر: "اللسان" ٧/ ٤١٠٧ (لوى).
(٨) "تفسيره" ١/ ١٧٨، وأخرجه الطبري ٥/ ٣٢٣ من طرق، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" ٢/ ٤١٤ إلى البيهقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>