للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك قالوا في الذنوب: أن من تاب من ذنب ثم عاد في مثله, فقال القاضي أبو بكر من أصحابنا (١): إن توبته الأولى انتقصت (٢) حتى يلقى الله مؤاخذًا بحكم الزلة الأولى التي تاب عنها (٣).

وقال الآخرون -وهو الاختيار-: إنَّ حكم ما تاب عنه بات على الصحة، وإن عاد إلى مثل ما تاب عنه (٤).

وعلى هذا فالجواب أن يقال: إن هذا إخبار عن قوم انتقلوا عن الكفر إلى الإيمان، وعن الإيمان إلى الكفر (... و .... (٥)) لحالهم، وأفردوا بذكر نفي المغفرة عنهم، وإن كان الله تعالى لا يغفر كفرًا مرة واحدة، تخصيصًا بالوعيد، كتخصيص جبريل وميكائيل من جملة الملائكة بالذكر تشريفًا وتعظيمًا، كذلك جاء هذا في نقيضه، ولا فرق بين أن يقول: إن اليهود لا يغفر الله لهم، وبين أن يقول: إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا لا يغفر الله لهم، لأنهم هم المعينون (٦) بهذا الوصف.


(١) لعله شيخ الواحدي: أبو بكر الحيري.
(٢) هكذا في المخطوط بالصاد المهملة، ولعلها بالضاد المعجمة.
(٣) لم أقف عليه.
(٤) الراجح -حسب ما ورد به الدليل- هو القول الأول كما قال ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله، أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال: "من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر". أخرجه البخاري (٦٩٢١) كتاب: استتابة المرتدين، باب: إثم من أشرك بالله، ومسلم (١٢٠) كتاب: الإيمان، باب: هل يؤاخذ بأعمال الجاهلية، وانظر: "زاد المسير" ٢/ ٢٢٥، والقرطبي ٥/ ٤١٥.
(٥) هنا كلمة غير واضحة، ولعلها: "وتفحيش" أو "تقبيح".
(٦) هكذا في المخطوط، ولعل الصواب: "المعنيون" بتقديم النون.

<<  <  ج: ص:  >  >>