للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المباشر، ألا ترى أن الله ذكر لفظ المماثلة في هذا الموضع (١)، وقد قال ابن عباس في قوله: {فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ}: "يريد وأنتم تسمعون وتجالسونهم ولا تغضبون" (٢) فدل هذا أن النهي عن القعود معهم على الرضا بما هم عليه. فأما إذا قعد ساخطًا منكرًا لفعلهم فإنه لا يكون مثلهم (٣).

وقال ابن عباس في قوله في سورة الأنعام: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا} الآية [الأنعام: ٦٨]: "دخل فيها كل مُحدث في الدين وكل مبتدع إلى يوم القيامة" (٤). يريد أن من أحدث في الدين فقد خاض في آيات الله بالباطل.

وقد ورد النهي في هذه الآية التي نحن فيه (٥) عن القعود مع الذين يخوضون في آيات الله بالباطل، فلا يجوز القعود عند كل صاحب بدعة وإحداث في الدين، سيما في القرآن وتفسيره (٦).

وقال أهل العلم: إنما ورد النهي عن القعود مطلقًا، لأن (المجالسة) (٧) مع قوم يقتضي المؤانسة والمشاركة فيما يجرى من المحادثة، هذا هو الغالب في العادة، وقيل من يُجالس قومًا منكرًا عليهم بأخطاء لما يجري بينهم.


(١) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٦٢، و"بحر العلوم" ١/ ٣٩٨، والبغوي ٢/ ٣٠١، والقرطبي ٥/ ٤١٨.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) لم أجد مثل هذا القول عند المفسرين، وهو خلاف ظاهر الآية.
(٤) "الكشف والبيان" ٤/ ١٣٤ أ، وانظر: البغوي ٢/ ٣٠١.
(٥) هكذا في المخطوط، ولعل الصواب: "فيها".
(٦) انظر: الطبري ٥/ ٣٣٠
(٧) هذه الكلمة غير واضحة في المخطوط، وما أثبته قريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>