للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورُوي أيضًا أنَّ عثمان قال: أرى في المصحف لحنًا، وستقيمه العرب بألسنتها (١).

وقال أبو حاتم والزجاج وغيرهما: وهذا القول بعيد، لأن الذين جمعوا القرآن من الصحابة كانوا أهل اللغة والقدوة، فكيف يتركون في كتاب الله شيئًا يصلحه غيرهم، وهم الذين أخذوه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجمعوه، ولم يكونوا ليُعلِّموه الناس على الغلط، فهذا مما لا ينبغي أن يُنسب إليهم، والقرآن محكم لا لحن فيه، ولا فيه شيء تتكلم العرب بأجود منه في الإعراب (٢).

ولسيبويه والخليل وجميع النحويين في هذا باب يسمونه: باب المدح، وقد بينوا فيه صحة هذا وجودته. قالوا: إذا قلت: مررت بزيد الكريم، فإن أردت أن تُخلِّص زيدًا من غيره، فالخفض وجه الكلام حتى يعرف زيد الكريمُ من غير الكريم، وإن أردت المدح والثناء نصبت، فقلت: الكريمَ، كأنك قلت: أذكُرُ الكريمَ، وإن شئت على: هو الكريمُ. وجاءني قومك المطعمين في المَحْل والمُغيثون في الشدائد، على معنى: أذكر المطعمينَ وهم المغيثون، وكذلك هذه الآية، معناها: أذكر المقيمين وهم المؤتون للزكاة (٣)، وأنشدوا قول خرنق (٤):


(١) لا يصح هذا الخبر عن عثمان، بل قال ابن تيمية: إنه باطل. انظر: "زاد المسير" ٢/ ٢٥٢، و"مجموع الفتاوى" ١٥/ ١٥٣، و"شرح شذور الذهب" ص ٥٠.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٣١.
(٣) "معاني الزجاج" ٢/ ١٣١، ١٣٢، وانظر: "الكتاب" ١/ ٢٠١، ٢/ ٦٢ - ٦٦، و"إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٧٠ - ٤٧١.
(٤) هي الخرنق بنت بدر بن هفان البكرية القيسية، من الشعراء في الجاهلية، وهي أخت لطِرفة بن العبد لأمه، وكانت زوجة عبد عمرو بن بشر سيد قومه، ولها =

<<  <  ج: ص:  >  >>