للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومعنى إبانة الله تعالى ذلك نصب المعجزة له.

ووجه الاحتجاج بشهادة الله على اليهود أنهم أبوا أن يشهدوا بما شهد الله به، وكفى بهذا خزيًا بهم، وأيضًا فإن الله تعالى شهادته تبين صدق نبيه بما يغني عن بيان أهل الكتاب.

وقوله تعالى: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} فيه قولان:

أحدهما: أنزله وهو يعلم أنك أهل لإنزاله عليك، لقيامك به وعملك بالحق فيه. وفي هذا إثبات العلم لله، لأن المعنى: أنزله بعلمه الذي هو عالم به (١).

الثاني: ما ذكره الزجاج، وهو أنه قال: معنى {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} أي أنزل القرآن الذي فيه علمه (٢).

قال أبو علي: (أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ) أنزله وفيه علمه. والجار في موضع الحال، كما أن: خرج بعدته، معناه: خرج وعليه عدته. والعلم المعلوم، أي أنزله وفيه معلومه، كما أن الصيد يراد به المصاد في قوله: {بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة: ٩٤]. والأيدي (٣) والرماح إنما تلحق الأعيان، ولا تلحق الأحداث. هذا كلامه (٤).

قوله تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ} إنما تعرف شهادة الملائكة بقيام المعجزة ووضوحها، ومن قامت له المعجزة شهدت الملائكة بصدقه، ولا نحتاج مع شهادة الله تعالى في تصحيح المشهود به إلى شهادة غيره، لكن ذكرت شهادة الملائكة الذين هم عباد الله في مقابلة جحود اليهود الذين هم


(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٣٤، وانظر: "زاد المسير" ٢/ ٢٥٧.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٣٤.
(٣) في "الحجة": "فالأيدي".
(٤) "الحجة" لأبي علي ٢/ ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>