للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الزجاج: ترجع إلى الله بإثم قتلي وإثمك الذي من أجله لم يتقبل قربانك (١).

قال ابن الأنباري: وإنما فصل الإثمين وهما على واحد لاختلاف سببهما (٢).

فإن قيل: كيف قال ابن آدم: إني أريد أن تبوء بالإثمين فجاز أن يريد منه الإثم، وليس للإنسان أن يريد معصية الله من غيره كما ليس له أن يريدها من نفسه؟

والجواب: عن هذا من وجوه: أحدها ما ذكره ابن الأنباري، وهو أن قابيل لما قال لأخيه: {لَأَقْتُلَنَّكَ}، وعظه هابيل وذكره الله واستعطفه، وقال: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ} الآية، فلما رآه هابيل قد صمم وأخذ له الحجارة يرميه بها، قال له عند الضرورة: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ} أي إذا قتلتني ولم يندفع قتلك إياي إلا بقتلي إياك فمحبتي أن يلزمك إثم قتلي إذا قتلتني، فكان هذا عدلًا من هابيل (٣).

وإلى هذا أشار الزجاج فقال: أي إن قتلتني فأنا مريد ذلك (٤).

فهذه الإرادة منه بشرط أن يكون قاتلا له، والإنسان إذا تمنى أن يكون إثم دمه على قاتله لم يلم على ذلك (٥).


(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٦٧، وانظر القرطبي في "تفسيره" ٦/ ١٣٧.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) لم أقف على قول ابن الأنباري، وقد ذكر ابن الجوزي له قولاً خلافه. انظر: "زاد المسير" ٢/ ٣٣٦، ٣٣٧.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٦٧
(٥) انظر: الطبري في "تفسيره" ٦/ ١٩٣، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>