للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أعينهم وقُطَّعت أيديهم وأرجلهم، وليس في الآية سمل الأعين وقطع جميع الأيدي والأرجل؟

والجواب: ما حكي عن الليث بن سعد (١) أنه قال: نزلت هذه الآية معاتبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتعليمًا إياه عقوبتهم، فقيل: إن جزاءهم ما ذكر في الآية، لا المُثلة، فلذلك ما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيبًا إلا نهى عن المُثلة (٢).

ويمكن أن يقال: ما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان هو الحد فيهم بالسنة، فلما نزلت الآية صارت تلك السنة منسوخة بالقرآن (٣). هذا إذا جوزنا نسخ السنة بالقرآن (٤).

وإن قلنا: لا تُنسخ السنة بالقرآن -وهو الأصح من مذهب الشافعي (٥)


(١) هو أبو الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي المصري ثقة ثبت إمام مشهور، كان ورعًا فاضلًا سخيا، مات -رحمه الله- سنة ١٧٥هـ.
انظر: "مشاهير علماء الأمصار" ص ١٩١، "سير أعلام النبلاء" ٨/ ١٣٦، "التقريب" ص ٤٦٤ (٥٦٨٤).
(٢) أخرجه بمعناه الطبري في "تفسيره" ٦/ ٢٠٨ - ٢٠٩، وأورده بلفظ المؤلف البغوي في "تفسيره" ٣/ ٤٨.
وقد ذكر الطبري في "تفسيره" عن الأوزاعي أنه أنكر أن يكون نزول هذه الآية معاتبة، ونقل عنه قوله: بلى، كانت عقوبة أولئك النفر بأعيانهم، ثم نزلت هذه الآية في عقوبة غيرهم ممن حارب بعدهم، فرفع عنهم السمل، والله أعلم. وسيأتي قريبًا تخريج الحديث في النهي عن المثلة.
(٣) انظر: الطبري في "تفسيره" ٦/ ٢٠٦ - ٢٠٧، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ٤٨.
(٤) هذا رأي جمهور العلماء، وهو الراجح لتظاهر الأدلة عليه.
انظر: "الناسخ والمنسوخ في كتاب الله عز وجل" للنحاس ١١٨، "الأحكام في أصول الأحكام" للآمدي ٣/ ١٥٠، "إرشاد الفحول" للشوكاني ص ٣٢٦.
(٥) انظر: "الرسالة" ص ١١٠، "الأحكام" للآمدي ٣/ ١٥٠، ١٥١، "إرشاد الفحول" ص ٣٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>