للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}.

دخلت الفاء في خبر السارق للشرط المنوي؛ لأن المعنى: من سرق فاقطعوا يده (١)، وعلى هذا أيضًا قوله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} [النساء: ١٦]، ومثله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: ٢].

والمراد بالأيدي في هذه الآية: الأيمان، قاله الحسن والسدي والشعبي (٢).

وكذلك هو في قراءة عبد الله: (فاقطعوا أيمانهما) (٣).

وإنما قال: {أَيْدِيَهُمَا} ولم يقل: يديهما؛ لأنه أراد يمينًا من هذا، أو يمينًا من هذه (٤)، فجمع إذ ليس في الجسد إلا يمين واحدة.

قال الفراء: وكل شيء موحد من خلق الإنسان إذا ذكر مضافًا إلى اثنين فصاعدًا جمع، فقيل: هُشّمت رؤوسهما، ومُلِئتَ ظهورهما وبطونهما ضربًا، ومثله قوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤]. قال: وإنما اختير الجمع على التثنية؛ لأن أكثر ما تكون عليه الجوارح اثنين اثنين (٥) في الإنسان، كاليدين والرجلين والعينين، واثنان من اثنين جمع، لذلك (٦) تقول قطعت أرجلهما وفقأت عيونهما، فلما جرى الأكثر


(١) انظر: "زاد المسير" ٢/ ٣٤٩، "البحر المحيط" ٣/ ٤٨٢.
(٢) انظر: الطبري في "تفسيره" ٦/ ٢٢٨، "بحر العلوم" ١/ ٤٣٣.
(٣) أخرج ذلك الطبري في "تفسيره" ٦/ ٢٢٨، وانظر: "بحر العلوم" ١/ ٤٣٣، و"النكت والعيون" ٢/ ٣٥، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ٥١.
(٤) في (ش): (هذا).
(٥) في (ش): (اثنان اثنان)، وما أثبته هو الموافق لـ "معاني القرآن".
(٦) في (ش): (كذلك).

<<  <  ج: ص:  >  >>