للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التوراة، فإن من الأنبياء من لم تكن شريعته شريعة التوراة (١).

وهذا معنى قول مقاتل؛ لأنه قال: يحكم بما في التوراة الأنبياء من لدن موسى إلى عيسى -عليهما السلام- (٢).

وقال الحسن وقتادة وعكرمة والزهري والسدي: محمد - صلى الله عليه وسلم - داخل في جملة هؤلاء الأنبياء الذين ذكرهم الله؛ لأنه حكم على اليهوديين بالرجم، وكان هذا حكم التوراة (٣).

وقال أهل المعاني: فعلى هذا يمكن أن يقال: المراد بقوله: {النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} محمد - صلى الله عليه وسلم -، فذكره بلفظ الجمع (٤)، كقوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ} الآية [النساء: ٥٤] يعني بالناس محمدًا وحده، وجاز ذلك لأنه اجتمع فيه من الفضل والخصال الحميدة ما يكون في جماعة من الأنبياء، كما قال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [النحل: ١٢٠] على هذا المعنى (٥).

وقال ابن الأنباري: هذا رد على اليهود والنصارى في دعواهم؛ لأن بعضهم كانوا يقولون: إن الأنبياء كانوا يهودًا، وبعضهم يقولون: إنهم كانوا نصارى. فقال الله تعالى: {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ} الذين ليسوا على ما


(١) انظر: الطبري في "تفسيره" ٦/ ٢٤٩، "بحر العلوم" ١/ ٤٣٩، "زاد المسير" ٢/ ٣٦٣.
(٢) أورده السيوطي في "الدر المنثور" ٢/ ٥٠٦، وعزاه إلى ابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.
(٣) هذا معنى قولهم، وأخرج الآثار عنهم الطبري في "تفسيره" ٦/ ٢٤٩. وانظر: "النكت والعيون" ٢/ ٤١، "زاد المسير" ٢/ ٣٦٣.
(٤) انظر: "معاني الزجاج" ٢/ ١٧٨، "النكت والعيون" ٢/ ٤١، البغوي في "تفسيره" ٣/ ٦٠، "زاد المسير" ٢/ ٣٦٤.
(٥) انظر: البغوي في "تفسيره" ٣/ ٦٠، "زاد المسير" ٢/ ٣٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>