للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالمصدر ههنا: المفعول، وقوله تعالى: {وَالْكُفَّارَ}، قرئ جراً ونصباً، فمن جر فلأن لغة التنزيل الحمل على أقرب العاملين، وقد بينا ذلك، فحمل على عامل الجر من حيث كان أقرب من عامل النصب (١)، فهذا من طريق الإعراب.

وأما من طريق المعنى فإن من جر (الكفار) عطفه (٢) على الصلة، وحَسُنَ ذلك، لأن فرق الكفار الثلاث: المشرك، والمنافق، والكتابي الذي لم يسلم، قد كان منهم الهزء جميعاً، فساغ لذلك أن يكون الكفار تفسيراً للموصول وموضحاً له، والدليل (٣) على استهزاء المشركين قوله: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الحجر:٩٥ - ٩٦]. وذكرنا استهزاء المنافقين (٤)، والدليل على استهزاء الكتابي الذي لم يسلم هذه الآية، ولو فسر الموصول بالكفار لعم الفرق الثلاث، لأن اسم الكفر يشملهم بدليل قوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [البينة: ١]. وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [الحشر: ١١]، ولكن (الكفار) (٥) كأنه على المشركين أغلب، فلذلك فصل ذكر الكتابي من الكافر.

وحجة هذه القراءة من التنزيل قوله تعالى: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ


(١) "الحجة للقراء السبعة" ٣/ ٢٣٤. ونسب القراءة لأبي عمرو والكسائي.
(٢) في (ج): (وعطفه).
(٣) في الحجة: "فالدليل".
(٤) تقدم قريبًا عند الكلام على أول تفسير الآية هذه، واستدلال المؤلف بآية البقرة. وقد ساقها في الحجة.
(٥) أي إطلاق لفظ "الكفار".

<<  <  ج: ص:  >  >>