للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و {خَرَجُوا بِهِ} أي: دخلوا وخرجوا كافرين، والكفر معهم في كلتي حاليهم (١)، وهذا كما تقول: خرج زيد بثيابه، أي: وثيابه عليه، وركب البعير بسيفه، أي: وسيفه معه، وكما أنشده الأصمعي:

ومُستنةٍ كاستِنَانِ الخروف ... قد قَطَعَ الحبلَ بالمِرْوَدِ (٢)

أي: قد قطع الحبل ومروده فيه، وعلى هذا يتوجه قراءة من قرأ: {تُنْبِتُ (٣) بِالدُّهْنِ} [المؤمنون: ٢٠] أي تنبت ما تنبته والدهن فيه. وهذا معنى قول ابن عباس في هذه الآية (٤)، والجار في موضع نصب على الحال في هذا التقدير، أي يدخلون ويخرجون والكفر في قلوبهم (٥)، ومعنى قد في قلوبهم: {وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ} تقريب الماضي من الحال، يريد أنهم دخلوا كافرين وخرجوا كافرين (٦)، وقوله تعالى: {وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ} أكد الكلام بالضمير تعيينًا إياهم بالكفر، وتمييزًا لهم عن غيرهم بهذه الصفة.

وقوله تعالى: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ} [المائدة: ٦١]، أي: من نفاقهم إذا أظهروا (٧) بألسنتهم خلاف ما أضمروا في قلوبهم، فبين


(١) انظر: "تفسير الوسيط" ٢/ ٢٠٥، "تفسير البغوي" ٣/ ٧٥، "زاد المسير" ٢/ ٣٩١.
(٢) البيت لرجل من بني الحارِث، وهو في الكامل للمبرد ٢/ ١٣٥، و"المحتسب" ٢/ ٨٨، و"اللسان" ٢/ ١١٤٠ (خرف) وفيه: "وقوله: مستنة يعني طعنة فاردمها باستنان. والاستنان والسن: المر على وجهه، يريد أن دمها مر على وجهه كما يمي المُهرُ الأرِن". والمرود: "حديدة توتد في الأرض يشد بها حبل الدابة، كما في حاشية الكامل.
(٣) بضم التاء (تُنْبِتُ) قراءة ابن كثير وأبي عمرو، انظر: "حجة القراءات" ص ٤٨٤.
(٤) لم أقف عليه.
(٥) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٥٠٨.
(٦) انظر: "معاني القرآن الكريم" للنحاس ٢/ ٣٣٣، "بحر العلوم" ١/ ٤٤٧.
(٧) في (ج): (أظهروه).

<<  <  ج: ص:  >  >>