للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رفع أنتم بالنسق على النون والألف، إذ لم يتبين عمل (إن) فيهما، ولو نصب لقال: وإياكم. وقال آخر:

يا ليتني وأنتِ بالميسُ ... ببلدةٍ ليس بها أنيسُ (١)

رفع (أنتِ) وهو نسق على الياء إذ لم يتبين فيها الإعراب، وقال آخر:

يا ليتنا وهما نخلوا بمنزلة ... حتى يرى بعضنا بعضًا ويأتلف (٢)

وأنشدوا أيضًا لضابىء البرجُمي (٣) على هذا المذهب:

فمن يكُ أمسى بالمدينة رحلُهُ ... فإني وقَيَّارٌ بها لغريبُ (٤)

هذا كله مذهب الكوفيين، وأنكر البصريون جميع ذلك، أما قول الكسائي فقد ذكرنا وجه بطلانه، وأما قول الفراء: نصب (إن) ضعيف، لأنها إنما تغير الاسم ولا تغير الخبر "فقال أبو إسحاق: هذا غلط، لأن (إن) قد عملت عملين: النصب والرفع، وليس في العربية ناصب ليس معه مرفوع؛ لأن كل منصوب مشبه بالمفعول، والمفعول لا يكون بغير فاعل إلا فيما لم يُسَمَّ فاعله، وكيف يكون نصب (إن) ضعيفًا وهي تتخطى الظروف فتنصب ما بعدها نحو قولك: إن أمامك زيدًا، وإن عندك عمروًا، قال الله تعالى: {إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ} [المائدة: ٢٢] ونصب (إنَّ) من أقوى المنصوبات (٥)، ومذهب الخليل وسيبويه في هذا التقديم والتأخير، ويكون


(١) لم أقف عليه.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) هو ضابئ بن الحارث بن أرطأة التميمي البُرجمي شاعر جاهلي أدرك الإسلام , حبسه عثمان - رضي الله عنه - حتى مات نحو سنة ٣٠ هـ "الأعلام" ٣/ ٢١٢.
(٤) البيت في الكتاب ١/ ٧٥، "الإنصاف" لابن الأنباري ص ٨٥.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>