للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه، قال مقاتل: {لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} أي في عيسى.

وقوله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ} الأهواء جمع هوى، وهوى فَعَلٌ، وجمعه أفعال (١)، ومعنى الأهواء هنا: المذاهب التي تدعو إليها الشهوة دون الحجة، وقد يشق على الإنسان النظر ويميل طبعه إلى بعض المذاهب فيعتقده فيكون ذلك هوى (٢)، قال الشعبي: ما ذكر الله تعالى هوى في القرآن إلا ذمَّهُ (٣) كقوله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ} [ص: ٢٦] {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى} [طه: ١٦] {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣]، ومثله كثير (٤).

قال أبو عبيد: لم نجد الهوى يوضع إلا في موضع الشر، لا يقال: فلان يهوى الخير، إنما يقال في الخير: يريد ويحب، وقال بعضهم: الهوى إله يعبد من دون الله، قال الله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية: ٢٣]، وقيل: سمي الهوى هوى لأنه يهوي بصاحبه في النار، وأنشدوا في ذم الهوى:

إن الهوان هو الهوى حرم اسمه ... فإذا هويت فقد لقيت هوانا

ومثل ذلك أيضًا:

نون الهوان من الهوى مسروقة ... وأسير كل هوى أسير هوان

وقال رجل لابن عباس: الحمد لله الذي هواي على هواك. فقال ابن عباس: كل هوى ضلالة (٥)، ويعني بالقوم الذين ضلوا من قبل رؤساء


(١) انظر: "معاني الزجاج" ٢/ ١٩٧.
(٢) انظر: "تفسير الوسيط" ٢/ ٢١٤، ٣/ ٨٣.
(٣) في (ج): (ذمة) بالتاء.
(٤) لم أقف عليه عن الشعبي، معناه في "معاني القرآن" للنحاس ٢/ ٣٤٦.
(٥) لم أقف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>