للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}: يقول: أطيعوا أمري، واحفظوا وصيتي (١)، والعرب تأمر من الصفات بعليك وعندك ودونك، فتعديها إلى المفعول، وتقيمها مقام الفعل، فتنصب بها على الإغراء (٢)، تقول: عليك زيدًا (٣)، كأنه قيل: خذ زيدًا فقد عداك وأشرف عليك، وعندك زيدًا، أي حضرك فخذه، ودونك، أي: قرب منك.

فهذه الأحرف الثلاثة لا اختلاف بين النحويين في إجازة النصب بها، وقد تقيم العرب غير هذه الأحرف مقام الفعل، ولكن لا تعديه إلى مفعول، وذلك نحو قولهم: إليك عني (٤)، أي تأخر، كما يقولون، وراءك وراءك، بهذا المعنى.

قالوا: لا يجوز أن يأمر بهذه الظروف إلا المخاطب، لو قلت عليك زيدًا، لم يحسن، وإنما كان كذلك لأن المخاطب لا يحتاج في الأمر بالفعل إلى أكثر من حروف ذلك الفعل الذي يأمره به نحو: قم واذهب، وفي الأمر للغائب يحتاج إلى إدخال اللام نحو: ليقم فلان، فكرهوا أن يقيموا هذه الظروف مقام الفعل واللام، فتكون نائبة عن شيئين، وفي المخاطبة تكون نائبة عن شيء واحد وهو الفعل وحده، وقد حكى عن العرب سماعًا: عليه رجلاً، ليس إغراءً للغائب، وهو شاذ لا يقاس عليه، وأجاز الكسائي وحده الإغراء بالظروف كلها.

قال الفراء: زعم الكسائي أنه سمع: بينكما البعيرَ فخذاه، فأجاز ذلك


(١) لم أقف عليه.
(٢) "تفسير الطبري" ٧/ ٩٧.
(٣) انظر: كتاب سيبويه ١/ ١٣٨.
(٤) "تفسير الطبري" ٧/ ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>