للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} (لَا تَخَفُ) ولا تخافُ [طه: ٧٧] جائزان (١).

ويقال: هل تدل هذه الآية على جواز ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قيل: في هذا وجوه:

أحدها: وهو الذي عليه أكثر الناس أن الآية لا تدل على ذلك، دل توجب أن المطيع لربه لا يكون مؤاخذًا بذنوب العاصي، فأما وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فمعقول بالآيات في ذلك (٢)، وخطب أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - فقال: إنكم تقرؤون هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} وتضعونها غير موضعها، وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الناس إذا رأوا المنكر فلم ينكروه، يوشك أن يعمهم الله بعقاب" (٣).

الوجه الثاني في تأويل الآية: ما روي عن ابن مسعود وابن عمر أنهما قالا: قوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} يكون هذا في آخر الزمان، قال ابن مسعود وقرئت عليه هذه الآية: ليس هذا بزمانها ما


(١) "معاني القرآن وإعرابه" ١/ ٣٢٣, ولا تخف ولا تخافُ، قراءتان سبعيتان.
انظر: "حجة القراءات" ص ٤٥٨، ٤٥٩، و"النشر" ٢/ ٣٢١.
(٢) "تفسير الطبري" ٧/ ٩٩، "معاني القرآن وإعرابه" للنحاس ٢/ ٣٧٣، و"بحر العلوم" ١/ ٤٦٣.
(٣) أخرجه الترمذي (٣٠٥٧) كتاب: التفسير، باب: من سورة المائدة وقال: حديث حسن صحيح، والطبري ٧/ ٩٨ من طرق، قال ابن كثير ٢/ ١٢٣. وقد روى هذا الحديث أصحاب السنن الأربعة، وابن حبان في صحيحه، وغيرهم، من طرق كثيرة عن جماعة كثيرة .. متصلًا مرفوعًا ومنهم من رواه موقوفًا على الصديق، وقد رجح رفعه الدارقطني وغيره، وذكرنا طرقه والكلام عليه مطولًا في مسند الصديق رضي الله عنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>