للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكل ينفق مما رزقه الله، ويعمل على مقدار ما وفقه الله، ومتى يبلغ ضعف (١) سعينا وقاصر جهدنا نهاية ما لا (٢) يتناهى؟ وهذا سهل بن عبد الله (٣) يقول: لو أعطي العبد بكل حرف من القرآن ألف فهم لم يبلغ نهاية ما أودع الله في آية من كتابه؛ لأنه كلام الله، وكلامه صفته، وكما أن ليس لله نهاية، فكذلك لا نهاية لفهم كلامه، وإنما يفهم كل بمقدار ما يفتح الله على قلبه.

وكلام الله غير مخلوق، ولا يبلغ إلى نهاية فهمه فهوم محدثة مخلوقة. ثم إن هذا الكتاب عجالة الوقت وقبسة العجلان، وتذكرة يستصحبها المرء حيثما حل وارتحل، وإن أُنسئ الأجل وأُرخي الطِّوَل (٤)، وأنظرني الليل والنهار، حتى يتلفع بالمشيب العذار (٥)، أردفته بكتاب (أنضجه) (٦) بنار الروية، وأردده


(١) في (ج): (ومتى يبلغ سعى ضعف سعينا ..).
(٢) في (ب): (ما لم).
(٣) هو أبو محمد سهل بن عبد الله بن يونس التستري، أحد أئمة الصوفية، لقي ذا النون المصري، توفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين، وقيل: سنة ثلاث وسبعين ومائتين. انظر: "طبقات الصوفية" للسلمي ص ٢٠٦، "حلية الأولياء" ١٠/ ١٨٩، "وفيات الأعيان" ٢/ ٤٢٩، "البداية والنهاية" ١١/ ٧٤.
(٤) الطول: هو الحبل الطويل جدا، ويطلق على الحبل الذي يطول للدابة فترعى فيه. قال طرفة:
لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى ... لكالطول المرخي وثنياه باليد
والمراد: أخر العمر ومد فيه.
انظر: "تهذيب اللغة" (طال) ٣/ ٢١٥٦، "اللسان" (طول) ٥/ ٢٧٢٥.
(٥) قال الأزهري: يقال: تلفع الرجل بالمشيب إذا شمله الشيب. "تهذيب اللغة" (لفع): ٤/ ٣٢٨٠، وانظر: "المخصص" لابن سيده ١٥/ ٧٧.
و (العذار) عذار الرجل: شعره النابت في موضع العذار، والعذاران: جانبا اللحية؛ لأن ذلك موضع العذار من الدابة. انظر: "اللسان" (عذر) ٥/ ٢٨٥٤.
(٦) في (ب): (أفصحه).

<<  <  ج: ص:  >  >>