للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما معنى {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} هل تستطيع سؤال ربك (١)، وذكر الاستطاعة في سؤاله لا لأنهم شكوا في استطاعته، ولكن كأنهم ذكروه على وجه الاحتجاج عليه منهم، كأنهم قالوا: إنك مستطيع فما يمنعك؟ ومثل ذلك قولك لصحابك: أتستطيع أن تذهب عني فإني مشغول، أي: اذهب لأنك غير عاجز عن ذلك (٢).

و (أنْ) في قوله: {يُنَزِّلَ عَلَيْنَا} متعلق بالمصدر المحذوف على أنه مفعول (٣)، واختار أبو عبيد هذه القراءة (٤)؛ لأن الأولى تشبه أن يكون الحواريون شاكين، وهذه القراءة لا توهم ذلك، والمعنى في الاستفهام عن استطاعة عيسى السؤال طلب المعجزة منه، أرادوا هل تستطيع بسؤالك إظهار هذه المعجزة التي نطلبها؟

ويحتمل أن يكون مرادهم بالاستفهام التلطف في استدعاء السؤال كما تقول لصحابك: هل تستطيع أن تفعل كذا؟ وأنت عالم أنه يستطيع، ولكن قصدك بالاستفهام التلطف (٥)، وهذه القراءة (٦) قراءة ابن عباس، وعائشة (٧) يروى عنها أنها قالت: كان القوم أعلم بالله من أن يقولوا: (هل يستطيع ربك) (٨).


(١) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٢٥.
(٢) "الحجة" ٣/ ٢٧٣.
(٣) "الحجة" ٣/ ٢٧٣.
(٤) أي قراءة نصب "رَبَكَ" وهي للكسائي كما تقدم قريبًا.
(٥) "تفسير الطبري" ٧/ ١٣٠.
(٦) أي نصب "ربك".
(٧) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٢٥.
(٨) أخرجه بمعناه الطبري ٧/ ١٣١، "معاني القرآن" للفراء ١/ ٣٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>