للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ}، قد ذكرنا معاني جعل (١) في قوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ} [المائدة: ١٠٣]، و {جَعَلَ} هاهنا بمعنى خلق، كقوله: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: ٣٠]. قال ابن عباس: ({وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ}: ظلمة الشرك، وظلمة النفاق، وظلمة الكفر، وظلمة العصيان، {وَالنُّورَ} يريد: نور الإِسلام، ونور الإيمان, ونور النبوة، ونور اليقين) (٢). وقال الحسن: (يعني الكفر والإيمان) (٣). وقال السدي: (يعني الليل والنهار) (٤) وهو اختيار الزجاج (٥)، والأولى أن يكون هذا عامًّا في كل ظلمة ونور؛ لأن جميع ذلك مخلوق لله تعالى (٦).


(١) انظر: "البسيط" النسخة الأزهرية جامعة الإِمام ٣/ ٧٩ أ.
(٢) ذكره الرازي في "تفسيره" ١٢/ ١٥١، وأبو حيان في "البحر" ٤/ ٦٨، وفي "الدر" للسيوطي ٣/ ٦. أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: (الكفر والإيمان).
(٣) ذكره المؤلف في "الوسيط" ١/ ٥ - ٦، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ١٢٦، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ٢، والرازي في "تفسيره" ١٢/ ١٥١، والقرطبي في "تفسيره" ٦/ ٣٨٦، والخازن في "تفسيره" ٢/ ١١٧.
(٤) أخرجه الطبري ٧/ ١٤٣، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ٤/ ١٢٦٠، بسند جيد.
(٥) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٢٧.
(٦) ذكر قول الواحدي الرازي في "تفسيره" ١٢/ ١٥١، وقال: (هذا مشكل؛ لأنه حمل للفظ على مجازه، واللفظ الواحد بالاعتبار الواحد لا يمكن حمله على حقيقته ومجازه معًا) ا. هـ. والظاهر حمل الآية على ظاهرها، والمراد أنار النهار وأظلم الليل، وهو اختيار الجمهور، قال الإمام أحمد في كتاب "الرد على الجهمية والزنادقة" ص ١٠٧؛ (يعني خلق الظلمات والنور)، وقال ابن عطية ٥/ ١٢١: (قالت فرقة: الظلمات: الكفر، والنور: الإيمان, وهذا غير جيد؛ لأنه أخرج لفظٌ بيّن في اللغة عن ظاهره الحقيقي إلى باطن لغير ضرورة، وهذا هو طريق اللغز الذي برئ القرآن منه، والنور أيضًا هنا للجنس فإفراده بمثابة جمعه) ا. هـ. وانظر "تفسير الطبري" ٧/ ١٤٣، والسمرقندي ١/ ٤٧٣، والماوردي ٢/ ٩٢ , و"البحر" ٤/ ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>