للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} قال ابن عباس: (قضى لنفسه أنه أرحم الراحمين) (١).

وقال أهل المعاني: (٨) أخبر عن عظم ملكه بأن له ما في السموات والأرض ذكر أنه أوجب على نفسه الرحمة؛ تلطفًا في الاستدعاء إلى الإنابة، واستعطافًا للمتولين عنه إلى الإقبال إليه). (٢)

وقوله تعالى: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ}، الأكثرون على أن هذا ابتداء كلام، واللام فيه لام قسم مضمر، كأنه: والله ليجمعنكم (٣)، وجعل الزجاج {لَيَجْمَعَنَّكُمْ} متصلًا بما قبل فقال في معنى قوله: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}: (الله عز وجل تفضل على العباد بأن أمهلهم عند كفرهم به وإقدامهم على كبائر ما نهى عنه، بأن أنظرهم وعمَّرهم وفسح لهم ليتوبوا، فذلك كتبه على نفسه الرحمة) (٤). وعلى هذا قوله تعالى: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ} يكون موضعه [نصبا] (٥) بدلاً من {الرَّحْمَةَ}، وذلك أنه مفسر للرحمة بالإمهال {إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}. وذكر الفراء المذهبين (٦) جميعًا فقال: (إن شئت جعلت


= عطية في "تفسيره" ٥/ ١٣٦، والرازي في "تفسيره" ١٢/ ١٦٤، و"البحر" ٤/ ٨١.
(١) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ١٤، وابن الجوزي ٣/ ٩.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ٧/ ١٥٥، و"معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٢٣١، و"تفسير البغوي" ٣/ ١٣٠.
(٣) أي جواب قسم محذوف، والجملة لا تعلق لها بما قبلها من حيث الإعراب، وإن تعلقت به من حيث المعنى، وهو اختيار الطبري في "تفسيره" ٧/ ١٥٧، وابن عطية ٥/ ١٣٩، والسمين في "الدر" ٤/ ٥٥٠، وابن هشام في "المغني" ٢/ ٤٠٧.
(٤) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٣١ - ٢٣٢.
(٥) لفظ: (نصبا)، ساقط من (أ).
(٦) "معاني الفراء" ١/ ٣٢٨، ونحوه قال الزجاج ٢/ ٢٣٢، وانظر: "إعراب النحاس" ١/ ٥٣٨، و"التبيان" ١/ ٣٢٥، و"الفريد" ٢/ ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>