للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} أي: بالشرك بالله أوبقوا أنفسهم، وكانوا كمن خسر شيئًا يهلكه. واختلفوا في إعراب {الَّذِينَ}، فزعم الأخفش (١): (أن موضعه نصب على البدل من الضمير في: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ}، والمعنى: ليجمعن هؤلاء المشركين {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ}) (٢).

قال أبو إسحاق: (والذي عندي أن قوله: {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} في موضع رفع على الابتداء، وخبره: {فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}؛ لأن قوله: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ} مشتمل على الجميع، على {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} وغيرهم (٣).


(١) "معاني الأخفش" ٢/ ٢٦٩، وهو قول الطبري في "تفسيره" ١١/ ٢٨١.
(٢) هنا وقع اضطراب في نسخة (أ) ص ١٠٢ حيث جاء باقي التفسير في ١٠٣ ب.
(٣) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٣٢، وهو اختيار أكثرهم.
انظر: "إعراب النحاس" ١/ ٥٣٨، و"المشكل" ١/ ٢٤٧، و"غرائب الكرماني" ١/ ٣٥٤، و"البيان" ١/ ٣١٥، و"التبيان" ١/ ٣٢٥.
وقال الهمداني في "الفريد" ٢/ ١٢٦: (هذا فيه تأخير السبب وتقديم المسبب، فالأحسن كونه خبر مبتدأ محذوف، أي: هم الذين، والفاء على هذا للعطف) ا. هـ. بتصرف.
وأكثرهم ضعف الوجه الأول؛ لأن القاعدة العامة عند النحاة ألا يبدل مظهر من مضمر بدل كل من غير إحاطة وشمول، وقوله: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ} مشتمل على سائر الخلق الذين خسروا أنفسهم، فلا وجه لاختصاصه بهم، ولا يقال: رأيتك زيدًا على البدل؛ لأن ضمير المخاطب في غاية الوضوح، فلا حاجة إلى البدل منه، أفاده الهمداني في "الفريد" ٢/ ١٢٦، و"السمين" ٤/ ٥٥١.
وانظر: "الكتاب" ٢/ ٣٨٥ - ٣٨٩، و"المقتضب" ٤/ ٢٩٥ - ٢٩٨، و"الأصول" ٢/ ٣٠٤ - ٣٠٥، و"المقرب" ١/ ٢٤٢، و"البحر" ٤/ ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>