للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العائد إلى {رَبِّي} من قوله تعالى: {إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي}، على تقدير: من يصرف هو يومئذ عنه العذاب. وحجة هذه القراءة قوله فيما بعده: {فَقَدْ رَحِمَهُ}، فلما كان ما بعده فعلًا مسندًا إلى ضمير اسم الله سبحانه، وجب أن يكون هذا أيضاً مسندًا إليه، ليتفق الفعلان في الإسناد إلى هذا الضمير، والضمير العائد إلى العذاب محذوف، والمعنى: من يصرف عنه كما هو في قراءة أُبيّ (من يصرفه) (١) بإثبات الهاء، وليس حذف هذا الضمير بالسهل؛ لأن {مِنْ} هاهنا جزاء وليس بموصول، فيحسن حذف العائد من الصلة، على أن الضمير إنما يحذف من الصلة إذا عاد إلى الموصول نحو: {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} [الفرقان: ٤١] {وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [النمل: ٥٩] أي: بعثه واصطفاهم، ولا يعود الضمير المحذوف هاهنا إلى موصول ولا إلى {مِنْ} التي للجزاء، إنما يرجع إلى العذاب من قوله: {عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}، والذي يحمل عليه حذف هذا الضمير من يصرفه أنه لما كان في حيز الجزاء، وكان ما في حيزه في أنه لا يتسلط على ما تقدمه بمنزلة ما في الصلة في أنه لا يجوز تسلطه على الموصول، فحسن حذف الهاء منه، كما حسن حذفها من الصلة.

ومن قرأ {يُصْرَفْ} (٢) فالمسند إليه الفعل المبني للمفعول ضمير العذاب المتقدم ذكره. ويقوي هذه القراءة قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ


(١) ذكرها أكثرهم، ففي "الحجة" لأبي علي ٣/ ٢٨٦: (من يصرفه عنه)، وفي "مختصر الشواذ" ص ٤٢، و"الكشف" لمكي ١/ ٤٢٥، والقرطبي في "تفسيره" ٦/ ٣٩٧، (من يصرفه الله عنه)، وفي "الكشاف" ٢/ ٩، و"البحر" ٤/ ٨٦، و"الدر المصون" ٤/ ٥٥٩، (من يصرف الله عنه)، وذكر ابن عطية في "تفسيره" ٥/ ١٤٤، (من يصرفه الله عنه. وقيل: من يصرف الله عنه) ا. هـ.
(٢) أي بضم الياء وفتح الراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>