للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان الكسائي يقرأ بالتخفيف ويحتج: (بأن العرب تقول: كذبت الرجل إذا نسبته إلى الكذب وإلى صنعة الأباطيل من القول (١)، وأكذبته إذا أخبرت أن الذي يحدث به كذب ليس هو الصانع له)، حكاه ابن الأنباري عنه (٢).

ونحو هذا حكى عنه أحمد بن يحيى، وقال: (كان الكسائي يحكي عن العرب: أكذبت الرجل إذا أخبرت أنه جاء بكذب لم يضعه هو، كأنه حكى كذبًا، وكذبته إذا أخبرت أنه كذاب) (٣).

وقال أبو علي: (لا يجوز أن يكون معنى القراءتين واحداً؛ لأن معنى التثقيل النسبة إلى الكذب، بأن تقول له: كذبت، كما تقول: زنيته وفسقته وخطأته، أي: قلت له: فعلت هذه الأشياء، وسقيته ورعيته قلت له: سقاك الله ورعاك الله، وقد جاء في المعنى أفعلته قالوا: أسقيته قلت له: سقاك الله (٤). قال ذو الرمة:

وأُسْقيهِ حَتَّى كَادَ ممَّا أَبُثُّهُ ... تُكَلّمُنِي أَحْجَارُهُ ومَلاعبُهْ (٥)

أي: أنسبه إلى السقيا بأن أقول: سقاك الله. فيجوز على هذا أن يكون معنى القراءتين واحداً وإن اختلف اللفظان، إلا أن فَعَّلْتَ إذا أرادوا أن


(١) لفظ: (من القول) ساقط من (ش).
(٢) "تهذيب اللغة" ٤/ ٣١١٥.
(٣) "مجالس ثعلب" ٢٧١، و"معاني النحاس" ٢/ ٤١٩، و"الحجة" لأبي علي ٣/ ٣٠٤.
(٤) جاء في (ش): تكرار: (ورعاك الله - إلى سقاك الله).
(٥) "ديوانه" ص ٢٨٨، و"الكتاب" ٤/ ٥٩، و"النوادر" لأبي زيد ص ٢١٣، و"أدب الكاتب" ص ٣٥٦، و"الممتع في التصريف" ١/ ١٨٧، و"اللسان" ٤/ ٢٠٤٢ (سقى)، وقال الخطيب التبريزي في "شرحه" ٢٨٩: (أبثه، أي أخبره بكل ما في نفسي، وأسقيه، أي: أدعو له بالسقيا، وملاعبه: مواضع يلعب فيها) ا. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>