للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} قال الكلبي (١) وعكرمة: (يعني الآيات التي وعد فيها نصر الأنبياء على أعدائهم، كقوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: ١٧١] الآيات، وقوله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [المجادلة: ٢١] (٢)، قال ابن عباس: (يريد لا ناقض لحكمي) (٣)، يعني: أنه قد حكم في كتابه بنصر أنبيائه، فليس ينقضه أحد، ولهذا قال الزجاج في قوله تعالى: {[و] (٤) لا مبدل لكلمات الله}: (أي: لا يخلف وعده، ولا يغلب أحد أولياءه) (٥). وتفسير ابن عباس يدل على أن قوله: {وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} معناه: لا ناقض لحكمه في كل مما حكم به من وعد ووعيد وثواب وعقاب، فليس يخص هذا الحكم الواحد، وهو نصر المرسلين، وإذا كان كذلك فالتقدير عند النحويين في الكلمات: ذوي الكلمات أي: يخبر بها عنه. يقول: لا مبدل لما أخبرت عنه بكلماتي ليس يريد أنه لا مبدل للكلمات التي هي عبارات؛ هذا معنى قول أبي علي (٦).


(١) ذكره الثعلبي ١٧٧ أ، وفي "تنوير المقباس" ٢/ ١٥ نحوه.
(٢) لم أقف عليه. وانظر: "الماوردي" ١/ ١٠٨، وابن الجوزي ٣/ ٣١، وقال ابن القيم في "بدائع التفسير" ٢/ ١٤٧: (أي: لا مبدل لعذاب الله أو لا مبدل لمقتضى عذاب الله) ا. هـ. والظاهر العموم، وحمل الكلمات على الحقيقة أي لا مبدل لكلام الله تعالى الذي به يأمر وينهى ويشرع، وهو صفة من صفاته العلية التي لا تتناهى كسائر صفاته سبحانه وتعالى.
(٣) ذكر ابن الجوزي ٣/ ٣١، وأبو حيان في "البحر" ٤/ ١١٢، عنه في الآية قال: (لا خلف لمواعيده)، وانظر: ابن عطية ٥/ ١٨٥، والقرطبي ٦/ ٤١٧.
(٤) لفظ: (الواو) ساقط من (ش).
(٥) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٤٣، وانظر: "إعراب النحاس" ١/ ٥٤٤.
(٦) "الحجة" ٢/ ٣٤، وفيه قال: (والكلمات تقديرها: ذوي الكلمات، أي: ما عبر =

<<  <  ج: ص:  >  >>