للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنما جُعلت أمثالنا في الحشر والاقتصاص؛ واختار الزجاج هذا، قال: (يعني: أمثالكم في أنهم يبعثون. لأنه قال عز وجل: {وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ} [الأنعام:٣٦]، ثم أعلم أنه {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} في الخلق والموت والبعث) (١).

واختار الأزهري قول ابن عباس فقال: (معنى قوله: {إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} في معنى دون معنى -يريد والله أعلم- أنه تعبدهم بما شاء أن يتعبدهم [به] (٢) من تسبيح وعبادة علمها منهم، ولم يفقهنا ذلك) (٣).

وقال ابن الأنباري في هذه الآية: (يسأل السائل عن هذا فيقول: ما في هذا من الاحتجاج على المشركين؟ فيُقال له: الاحتجاج أن الله عز وجل قد ركب في الناس عقولاً، وجعل لهم أفهامًا، ألزمهم بها، تدبر أمر الأنبياء، والتمسك بطاعته، وأنه تعالى قد أنعم على الطير والدواب بأن جعل لها (٤) فهمًا يعرف بعضها به إشارة بعض، فهدى الذكر منها لإتيان الأنثى، فصح التشبيه (٥)؛ لأن الأمم من غير الناس يفهم (٦) بعضها عن بعض، كما يفهم


= الصحيح)، وله شواهد انظر: "المسند" ١/ ٧٢، ومجمع "الزوائد" ١٠/ ٣٥٢ - ٣٥٣، والقرناء: ذات القرون، والجماء: التي لا قرون لها.
(١) "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٢٤٥.
(٢) لفظ: (به) ساقط من (ش).
(٣) "تهذيب اللغة" ١/ ٢٠٥، وهذا قول أبي عبيدة أيضاً في "مجاز القرآن" ١/ ١٩١، وقال النحاس في "معانيه" ٢/ ٤٢١: (وأكثر أهل التفسير يذهب إلى أن المعنى: أنهم يخلقون كما يخلقون ويبعثون كما يبعثون) ا. هـ. ورجحه الطبري في "تفسيره" ٧/ ١٨٨، والسمرقندي ١/ ٤٨٣، وابن عطية ٥/ ١٩٢، والقرطبي في "تفسيره" ٦/ ٤٢٠، و"التذكرة" ص ٣٢٩.
(٤) في (أ): (جعل لهم).
(٥) في (ش): (أن الأمم).
(٦) في (أ): (تفهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>