للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُطع خلفهم من نسلهم وغيرهم، فلم تبق (١) لهم باقية؛ لأنهم استؤصلوا بالعذاب. وأحسب الذين فسروا الدابر بالأصل ذهبوا إلى أن الأصل يبقى ببقاء النسل، فإذا انقطع النسل (٢) انقطع الأصل وذهب، ففي قطع الدابر قطع الأصل، وحقيقة تفسير الدابر الآخر (٣) والعقب والأصل معنى وليس بتفسير.

وقوله تعالى: {وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قال الزجاج (٤): (حمد الله عز وجل نفسه على أن قطع دابرهم واستأصل شأفتهم) (٥)، ومعنى هذا: أن قطع دابرهم نعمة على الرسل الذين أرسل إليهم فكذبوهم، فذكر الحمد هاهنا تعليم لهم ولمن آمن بهم ليحمدوا الله تعالى على كفايته إياهم شر الذين ظلموا , وليحمد محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ربهم إذ أهلك المشركين المكذبين (٦).


(١) في (ش): (فلم يبق).
(٢) في (ش): (فإذا انقطع الأصل وذهب ففي قطع الدابر).
(٣) هذا قول أكثر أئمة اللغة والتفسير. انظر: المراجع السابقة في دبر، وانظر: "غريب القرآن" لليزيدي ص ١٣٧، و"تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص ١٦٤، و"معاني القرآن" للنحاس ٢/ ٤٢٥، و"تفسير ابن عطية" ٥/ ٢٠١.
(٤) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٤٩، وجاء بعده: [لأنه جل وعز أرسل إليهم الرسل، وأنظرهم بعد كفرهم، وأخذهم بالبأساء والضراء، فبالغ جل وعز في إنذارهم وإمهالهم فحمد نفسه؛ لأنه محمود في إمهاله من كفر به وانتظاره توبته).
(٥) الشأفة: قرحة تخرج في أسفل القدم فتكوى فتذهب. أي: إذا قطعت مات صاحبها، واستأصل الله شأفته: أذهبه كما تذهب تلك القرحة، أو أزاله من أصله. انظر: "القاموس" ص ٨٢٢ (شأفه).
(٦) انظر: "تفسير الطبري" ٧/ ١٩٦، والبغوي ٣/ ١٤٤، والرازي ١٢/ ٢٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>