للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ} رأى الزهرة فقال: {هَذَا رَبِّي} يريد: أن يستدرجهم بهذا القول، ويعرفهم خطأهم، وجهلهم في تعظيمهم شأن النجوم وقضائهم على الأمور بدلالاتها، فأراهم أنه معظَّم ما عظّموا، وملتمس الهدى من حيث التمسوا، وكل من تابعك على هواك وشايعك على أمرك كنت به أوثق وإليه أسكن وأركن، فأنِسوا واطمأنوا {فَلَمَّا أَفَلَ} أراهم النقص الداخل على النجم بالأفول؛ لأنه ليس [ينبغي] (١) [لإله] (٢) أن يزول ولا أن يغيب فقال: {لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} أي: لا أحب من كانت حالته أن يطلع ويسير على هيئة يتبين معها أنه محدث منتقل من مكانٍ إلى مكانٍ، أي: لا أتخذ ما هذه حاله إلها، كما أنكم لا تتخذون كل ما قد يجري مجرى هذا من سائر الأشياء آلهة.

وقيل: إنه قال: {هَذَا رَبِّي} على جهة الاحتجاج على قومه لا على معنى الشك {قَالَ هَذَا رَبِّي} عندكم وفيما تظنون وفي زعمكم، كما قال الله عز وجل: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٦٢)} [القصص: ٦٢] فأضافهم إلى نفسه حكايته لقولهم، وكقوله تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: ٤٩] أي: عند نفسك.

وجائز أن يكون هاهنا إضمار القول كأنه قال: [تقولون] (٣): {هَذَا رَبِّي} وإضمار القول كثير كقوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا} [البقرة: ١٢٧] أي: يقولان: ربنا، وقوله تعالي: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ} [الزمر: ٣] معناه: يقولون ما نعبدهم،


(١) في (أ): (يتبغى)، وهو تصحيف.
(٢) في (أ): (للاله).
(٣) في (ش): (يقولون).

<<  <  ج: ص:  >  >>