للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوجه الثالث: ما قاله السدي وهو أنه قال: (البصر بصران، بصر معاينة، وبصر علم) (١)، وكذا هو في اللغة، قال الليث: (البَصَر: العين، والبَصَر: نفاذ في القلب. قال: فمعنى قوله: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} لا يدركه علم العلماء، ونظيره {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: ١١٠] (٢)، وهذا وجه حسن، وأما قولهم: إن هذا على سبيل التمدح، قلنا: ليس كذلك؛ لأنه ليس في أن يستحيل أن يرى استحقاق مدح، ألا ترى أن كثيراً من الأشياء الناقصة يستحيل أن يرى كالكفر والجهل، ثم لا يجب (٣) لها بذلك صفة مدح، فليس بأن يستحيل أن يرى تمدح؟، وإنما معنى الآية: أنه منع الرائين من رؤيته في الدنيا ولا يقدر أحد على أن يمنعه من رؤيته له، فهذا وجه التمدح، وهو معنى الآية، وعلى هذا الوجه، قال ابن عباس في قوله {وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} قال: (يرى ولا يُرى، ولا يخفى عليه شيء ولا يفوته) (٤). وإنما خص الأبصار بإدراكه إياها مع أنه يدرك كل شيء تحقيقاً


= لا يرى الله بعينه في الدنيا , ولم يتنازعوا إلا في النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة مع أن جماهير الأئمة على أنه لم يره بعينه في الدنيا، وعلى هذا دلت الآثار الصحيحة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة وأئمة المسلمين ..) ا. هـ، وانظر: "مرويات الإمام أحمد في التفسير" ٢/ ١٢١.
(١) لم أقف عليه
(٢) "تهذيب اللغة" ١/ ٣٤٠، وفيه: (قال الليث: البَصَرُ: العَيْن، إلا أنه مذكر. والبَصَر: نفاذ في القلب). وانظر: "العين" ٧/ ١١٧، و"اللسان" ١/ ٢٩٠ مادة (بصر).
(٣) انظر: "تفسير الرازي" ١٣/ ١٢٥ وما بعدها، و"الفتاوى" لابن تيمية ١٦/ ٨٧ - ٨٨، ١٧/ ١١١.
(٤) لم أقف عليه، وفي "تنوير المقباس" ٢/ ٤٩: (يرى ما لم ير الخلق ولا يخفى عليه شيء ولا يفوته) اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>