للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من مشركي قريش، قال: وذلك أن المجوس من أهل فارس لما أنزل الله تعالى تحريم الميتة كتبوا إلى مشركي قريش -وكانوا أولياءهم في الجاهلية, وكانت بينهم مكاتبة- أن محمدًا وأصحابه يزعمون أنهم يتبعون أمر الله ثم يزعمون أن ما ذبحوا فهو حلال وما ذبح الله فهو حرام، فوقع في أنفس ناس [من المسلمين] (١) من ذلك شيء، فأنزل الله هذه [الآية] (٢).

ثم قال: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ} يعني: في استحلال الميتة {إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}. قال أبو إسحاق: (وفي هذا دليل أن كل من أحل شيئًا مما حرم الله، أو حرم شيئًا مما أحل الله فهو مشرك، وإنما سمي مشركًا لأنه اتبع غير الله عز وجل، فأشرك به غيره) (٣).

فإن قال قائل: كيف أبحتم ذبيحة المسلم التارك للتسمية والآية كالنَّص في التحريم؟ قيل: إن جميع المفسرين فسروا الآية بالميتة، وأشباهها، مما ذكره ابن عباس ولم يحملها أحد على ذبيحة المسلم إذا ترك التسمية، وفي الآية أشياء تدل على أن الآية في تحريم الميتة، منها قوله: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} ولا يفسق أكل ذبيحة المسلم الذي ترك التسمية بالإجماع، وإنما التفسيق في أكل الميتة مع اعتقاد التحريم، ومنها قوله: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} وهذه المناظرة إنما كانت في مسألة الميتة بإجماع من أهل التفسير، لا في هذه المسألة، ومنها قوله تعالى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}، والشرك في [استحلال الميتة


(١) لفظ: (من المسلمين) مكرر في (ش).
(٢) لفظ: (الآية) ساقط من النسخ، وملحق في (أ) بأعلى السطر.
(٣) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٨٧، وذكره النحاس في "معانيه" ٢/ ٤٨٢، عن أهل النظر, وانظر: "تفسير الطبري" ٨/ ١٥ وما بعدها، والسمرقندي ١/ ٥١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>