للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأكابر جمع الأكبر الذي هو اسم (١). والآية على التقديم والتأخير، تقديره: جعلنا مجرميها أكابر، ولا يجوز أن يكون الأكابر مضافة؛ [لأنه] (٢) لا يتم المعنى، ويحتاج إلى إضمار المفعول الثاني للجعل؛ لأنك إذا قلت: جعلت زيدًا، وتسكت لم يُفد الكلام حتى تقول: رئيسًا أو ذليلاً، أو ما أشبه ذلك، لاقتضاء الجعل مفعولين، ولأنك إذا أضفت الأكابر فقد أضفت النعت إلى المنعوت، وذلك لا يجوز عند البصريين (٣).

وقوله تعالى: {لِيَمْكُرُوا فِيهَا}. قال مجاهد: (هو أنهم أجلسوا على كل طريق أربعة، واقتسموا عقاب مكة، فذلك مكرهم) (٤)، ومعنى


(١) انظر: "معاني الأخفش" ٢/ ٢٨٧، و"الطبري" ٨/ ٢٤، و"الدر المصون" ٥/ ١٣٦.
(٢) لفظ: (لأنه) ساقط من (ش).
(٣) ذكر نص كلام الواحدي الرازي في "تفسيره" ١٣/ ١٧٤٠ بدون نسبة، وقال مكي في "المشكل" ١/ ٢٦٨، وابن الأنباري في "البيان" ١/ ٣٣٨، (مجرميها) مفعول أول لجعلنا، (أكابر) مفعول ثانٍ مقدم. اهـ. وقال السنن في "الدر" ٥/ ١٣٤ - ١٣٦: (جعل تصيير به، فتتعدى لاثنين، واختلف في تقديرهما، والصحيح أن يكون (في كل قرية) مفعولا ثانيًا قدم على الأول، والأول (أكابر) مضافًا لمجرميها ..) اهـ. ثم ذكر قول الواحدي، وقال: (هذان الوجهان اللذان رد بهما الواحدي ليسا بشيء، أما الأول فلا نسلم أنا نضمر المفعول الثاني، وأنه يصير الكلام غير مفيد، وأما ما أورده من الأمثلة فليس مطابقًا لأنا نقول: إن المفعول الثاني مذكور مصرح به، وهو الجار والمجرور السابق، وأما الثاني فلا نسلم أنه من باب إضافة الصفة لموصوفها؛ لأن المجرمين أكابر وأصاغر فأضاف للبيان لا لقصد الوصف، وانظر: "غرائب التفسير" ١/ ٣٨٣، و"التبيان" ٣٥٧، و"الفريد" ٢/ ٢٢٤.
(٤) الواحدي في "الوسيط" ١/ ١١٣، وابن الجوزي في "تفسيره" ٣/ ١١٨، والقرطبي ٧/ ٧٩، وذكره البغوي ٣/ ١٨٥ بدون نسبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>