للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن عباس في رواية عطاء: ({وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} يريد: ضيقًا إذا سمع ذكر الله اشمأز قلبه ونفسه، وإذا ذكر شيء من عبادة الأصنام ارتاح إلى ذلك) (١).

وقال أهل المعاني: (٨) (لما كان القلب محلًّا للعلوم والاعتقادات، ووصف (٢) قلب الكافر بالضيق، وأنه على خلاف الشرح والانفساح، دلَّ أن الله تعالى صيره بحيث لا يعي علمًا ولا استدلالًا على توحيد الله والإيمان به؛ لأنه أضاف التضييق إلى نفسه فقال: {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} وهذا كما أن العرب إذا وصفت إنسانًا بالجبن قالت: لا قلب له، لما أريد به من المبالغة في وصفه بالجبن؛ لأن الشجاعة محلها القلب، فإذا لم يكن القلب الذي يكون محل الشجاعة لو كانت، فإن لا يكون الشجاعة أولى، وأنشد أبو زيد:

لَقَدْ أَعْجَبْتُمُونِي مِنْ جُسُومِ ... وَأَسْلَحَةٍ وَلَكِنْ لا فُؤَادَا (٣)

وأنشد أيضاً:

وَلاَ وَقَّافَة والخَيْلُ تَرْدِي ... وَلَا خَال كَأنْبُوبِ اليَرَاعِ (٤)

وقال حسان:


(١) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ١١٦، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ١٨٦، والخازن ٢/ ١٨١.
(٢) في (ش): (وصف).
(٣) "الشاهد" لبرج بن مسهر الطائي كما في "النوادر" لأبي زيد ص ٧٨، ولعامر بن جوين الطائي في "الوحشيات"، و"الحماسة الصغرى" لأبي تمام ص ٢٣٣.
(٤) الشاهد لمرداس بن حصين الكلابي، شاعر جاهلي في "النوادر" لأبي زيد ص ٥ - ٦، وللطفيل بن عوف الغنوي، شاعر جاهلي في "الحماسة الصغرى"، و"الوحشيات" لأبي تمام ص ١٢٥. =

<<  <  ج: ص:  >  >>