للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يأكلون من ذلك كله شيئًا، فما سقط مما جعلوه لله في نصيب الأوثان تركوه، وقالوا: إن الله غني عن هذا، وإن سقط مما جعلوه للأوثان في نصيب الله التقطوه وردّوه إلى نصيب الصنم، وقالوا: إنه فقير. فذلك قوله: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ}). قال ابن عباس: (خلق، {مِنَ الْحَرْثِ} قال: يريد التمر والقمح، وجميع ما يؤكل، (الأنعام) يريد: الضأن والماعز والإبل والبقر، {نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ} يريد: بكذبهم) (١).

وقد ذكرنا تفسير الزُّعم (٢) والزَّعم في سورة النساء [: ٦٠].

فإن قيل: أليس جميع الأشياء لله فكيف نسبوا إلى الكذب في قولهم: {هَذَا لِلَّهِ}؟ قلنا: إفرازهم النصيبين نصيبًا لله، ونصيبًا للشيطان، وحكمهم بذلك كذب منهم (٣) لم يأمر الله تعالى به، وهم كانوا يفعلون ذلك تدينًا وتعبدًا واعتقادًا أن ذلك أمر به (٤) الله تعالى وأنه يرضى به (٥)، قال الزجاج: (وتقدير الكلام: جعلوا لله نصيبًا ولشركائهم نصيبًا، ودل على هذا المحذوف تفصيله القسمين فيما بعد، وهو قوله: {هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا}) (٦)، وجعل الأوثان شركاءهم؛ لأنهم جعلوا لها نصيبًا من أموالهم ينفقونها عليها فشاركوها في مالهم (٧).


(١) "تنوير المقباس" ٢/ ٦٣، وذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ١٢٣.
(٢) يعني: بضم الزاي وفتحها. انظر: "اللسان" ٣/ ١٨٣٤ (زعم).
(٣) لفظ: (منهم) ساقط من (ش).
(٤) في (أ): (ذلك أمره لله تعالى فإنه يرضى به).
(٥) انظر: "تفسير الرازي" ١٣/ ٢٠٤.
(٦) هذا قول النحاس في "معانيه" ٢/ ٤٩٤، وذكره عن الزجاج الرازي في "تفسيره" ١٣/ ٢٠٤، ولم أقف عليه في "معاني الزجاج".
(٧) انظر: "إعراب النحاس" ١/ ٥٨١، و"تفسير الرازي" ١٣/ ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>