للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمرهم به كان.

قوله: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} أي: لو نهانا عن الشرك ولم يأمرنا به {مَا أَشْرَكْنَا}، فأضافوا شركهم إلى أمره، كما أضافوا التحريم، وقد صرح الله تعالى بهذا الذي ذكرنا في الإخبار عنهم في قوله: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٢٨]، فالمرجع على ما رتبنا وبيّنا في تأويل قوله: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} وجميع ما يتصل به إلى أنهم ادَّعوا على الله أنه أمرهم به، فكذّبهم الله في ادعائهم أمره بذلك، لا أنه كذبهم في إضافتهم مشيئة ما هم فيه إليه، ومما جاء في القرآن، من مثل هذا قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى} إلى قوله: {أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [الأعراف: ١٦٩]، فهذا تبكيت لهم على قولهم (سَيُغْفَرُ لَنَا) (١)؛ لأن الكذب لا يقع إلا فيه مما ذكر في (٢) هذه الآية، ومعنى قولهم {سَيُغْفَرُ لَنَا} أنهم ادّعوا أن الله وعدهم أن يغفر لهم، فكذّبهم الله تعالى في ادعائهم الوعد، ولا يحسن حمله إلا على هذا الوجه؛ لأنه لا يحسن أن ينكر عليهم حسن الظن بالله في الغفران وحسن الظن غير مذموم) (٣).

وقال أبو بكر بن الأنباري: (إنما عابهم الله تعالى بردّ المشيئة إليه حن استهزءوا واحتجوا على المؤمنين، وضَعّفوا أمر الرسل بردّ المشيئة إلى الله فقالوا للمؤمنين: ما نحتاج إلى اتباع الرسل؛ لأن الذي نحن عليه بمشيئة


(١) في (ش): (لهم بدلًا من (لنا).
(٢) لفظ: (في) ساقط من (ش).
(٣) لم أقف عليه عن أبي علي الجرجاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>