للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو علي الفارسي: (اعلم أن في قولنا: هلم، لغتين، إحداهما: وهو قول أهل الحجاز ولغة التنزيل: أن تكون في جميع الأحوال للواحد والواحدة والاثنين والثنتين، والجماعة من الرجال والنساء على لفظ واحد، لا يظهر فيه علامة تثنية ولا جمع، فيكون بمنزلة رُوَيْدَ وصَهْ ومَهْ ونحو ذلك من الأسماء التي سميت بها الأفعال، وتستعمل للواحد والجميع والتأنيث والتذكير على صورة واحدة، والأخرى: أن تكون بمنزلة رُدَّ في ظهور علامات الفاعلين على حسب ما يظهر في رُدّ وسائر ما أشبهها من الأفعال، فأما الهاء اللاحق بها أولاً فهي من هَاء التي للتنبيه لحقت أولًا؛ لأن لفظ الأمر قد يحتاج له إلى استعطاف المأمور واستدعاء إقباله على الأمر، فهو لذلك (١) يقرب من المنادى، ومن ثم دخل حرف التنبيه في قوله: (ألا (٢) يسجدوا) [النمل: ٢٥]، ألا ترى أنه أمر كما أن [هذا أمر] (٣) إلا أنه كثر الاستعمال مع هاء، فغير بالحذف؛ لكثرة الاستعمال كأشياء [تغير] (٤) لذلك بالحذف نحو: لم أُبَلْ (٥) ولا أَدْرِ ولم يَكْ، وما أشبه ذلك مما يُغير للكثرة، ومما حسن حذف الألف من ها في هلم أنها في موضع كان يجب


(١) في (ش): فهو كذلك.
(٢) جاء في النسخ (أَلَا يَا اسْجُدُوا)، وقد قرأ الكسائي بتخفيف اللام ووقف (أَلاَ يَا) ثم ابتدأ (اسْجُدُوا) وقرأ الباقون: بتشديد اللام (ألَّا يَسْجُدُوا). انظر: "السبعة" ص ٤٨٠، و"المبسوط" ص ٢٧٩، والاستشهاد هنا على تخفيف (ألا)، وأبو علي الفارسي يعتبر (يا) لمجرد التنبيه، انظر: "الحجة" لأبي علي ٥/ ٣٨٣، و"كتاب الشعر" ١/ ٦٦.
(٣) في (أ): (هذا الأمر)، وهو تحريف.
(٤) في النسخ (يغير) بالياء، والأصح بالتاء كما في "الإغفال" ص ٧١٣.
(٥) انظر "اللسان" ١/ ٩

<<  <  ج: ص:  >  >>