للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحركة في التثنية والجمع، ثم عرض ما يمنع من دخولهما، وجب أن يعوض (١) منهما، وقد بينا أن الحركة إنما أسقطت استثقالا، والتنوين وجب إسقاطه لأنه ساكن، وهذِه الحروف سواكن ولم يمكن إسقاط هذِه الحروف لأنها علامات، ولا تحريكها للثقل، ولا تحريك التنوين؛ لأنه يخرج عن حكم العلامة ويصير نونا لازمة، فلم يبق إلا إسقاطه، فلما دخلت النون دخلت ساكنة؛ لأنه لا حظ لها من الإعراب فاجتمع ساكنان، فحركت نون التثنية بالكسرة ونون الجمع بالفتحة فرقا بينهما (٢). وكانت نون التثنية أولى بالكسرة لأن قبلها (ألفا) وهي خفيفة والكسرة ثقيلة (٣)، فاعتدلا، وقبل نون الجمع (واو (٤)) وهي ثقيلة ففتحوا النون ليعتدل الأمر.

فإن قلت: إنك تكسر النون مع (الياء) في النصب والجر، فهلا هربت إلى الفتحة لمكان (الياء) كما هربت إلى الفتحة لمكانها في (أين وكيف)؟. والجواب: أن (الياء) في التثنية ليست بلازمة كلزومها في (أين) لأن الأصل هو الرفع، والنصب والجر فرعان عليه، فأجروا الباب على حكم الرفع الذي هو الأصل (٥)، وصارت النون أولى بالزيادة من بين سائر الحروف، لشبهها بحروف المد. وسترى وجه الشبه بينهما فيما يمر بك من الكتاب إن شاء الله.


(١) في (ج): (يعرض).
(٢) أخذه بمعناه من "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٤٤٨ - ٤٤٩.
(٣) في (ب): (ثقيلا).
(٤) عند أبي الفتح: (وقبل نون الجمع (واو) أو (ياء)) ٢/ ٤٨٨.
(٥) انتهى ما نقله عن أبي الفتح ابن جني من كتاب "سر صناعة الإعراب" ملخصا قال أبو الفتح (فهذِه حال نون التثنية والجمع الذي على حد التثنية ولم يتقص أحد من أصحابنا القول عليها هذا التقصي، ولا علمته أشبعه هذا الإشباع) ٢/ ٤٨٧ - ٤٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>