للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرأ نافع وابن عامر: {أَوَأَمِنَ} ساكنة الواو، و (أو) يستعمل على ضربين: أحدهما: أن يكون بمعنى أحد الشيئين كقولك: زيدٌ أو عمرو جاء، كما تقول: أحدهما جاء، وهي إذا كانت للإباحة والتمييز كذلك أيضاً؛ لأنها لأحد الشيئين كقولك: جالس الحسن أو ابن سيرين، ويدلك على أنها ليست بمعنى الواو أنه إذا جالس أحدهما فقد ائتمر (١) الأمر ولم يخالف، وإنما جاز له الجمع بين مجالستهما من حيث كان كل واحد منهما مجالسته بمعنى مُجالسة الآخر، ليس من حيث كانت (أو) بمعنى (الواو).

والضرب الثاني: أن يكون للإضراب (٢) عما قبلها. كقولك: (أنا أخرج) ثم تقول: (أو أقيم)، أضربت عن الخروج وأثبتَّ الإقامة. كأنك قلت: (لا بل أقيم)، كما أنك في قولك: (إنها لإبل أو (٣) شاء) مُضرِب عن الأول، فوجه هذه القراءة: أنه جعل (أو) للإضراب، لا على أنه أبطل الأول، ولكن كقوله: {الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) أَمْ يَقُولُونَ} [السجدة:١ - ٣]، فكأن المعنى في هذه الآية: أأمنوا هذه الضروب من معاقبتهم والأخذ لهم، وإن شئت جعلت (أو) هاهنا التي لأحد الشيئين، ويكون المعنى: أفأمنوا إحدى هذه العقوبات (٤).


(١) في (ب): (فقد أتم الأمر) وائْتَمر الأمر أي امتثله، انظر: "اللسان" ١/ ١٢٧ (أمر).
(٢) في (ب): (الإضراب)، وهو تحريف.
(٣) النص كله من "الحجة" لأبي علي ٤/ ٥٤، وفيه في قولك: (إنها الإبل أم شاء).
(٤) ما تقدم هو نص كلام أبي علي في "الحجة" ٤/ ٥٣ - ٥٥، وانظر: "معاني القراءات" ١/ ٤١٤، و"إعراب القراءات" ١/ ١٩٦، و"الحجة" لابن خالويه ص ١٥٨، ولابن زنجلة ص ٢٨٩، و"الكشف" ١/ ٤٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>