للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقال: ما معنى سؤال المسلمين الهداية في قولهم: (اهدنا) وهم مهتدون؟ والجواب عنه من وجوه: أحدها: أنه قد تعرض للعارف شبه ينتقل بها إلى الجهل، فيحسن أن يسأل اللطيفة التي يتمسك معها بالمعرفة (١)، ولا ينتقل إلى الجهالة.

والثاني: أنهم لما كانوا لا يعلمون ما يكون منهم في المستأنف، حسن أن يسألوا الهداية على (٢) وجه التثبيت لما هم عليه من الحق، وقد تستعمل الهداية لا من الضلالة كما قال الحطيئة لعمر رضي الله عنه:

فلا تُعْجِلَنِّي هداك المليكُ ... فإنَّ لكلِّ مَقَامٍ مَقَالا (٣)

لم يرد من ضلالتك؛ لأنه لو أراد ذلك قد هجاه، ولكنه على معنى التوفيق و (٤) التثبيت (٥).

وقال بعض أصحابنا: يجوز أن يحمل على سؤال الهداية ابتداء فيما


= للثبات عليه. وضعف أن يكون المعنى: زدنا هدى، أو: أسلكنا طريق الجنة والمعاد. الطبري ١/ ٧١ - ٧٢، وانظر: ابن كثير ١/ ٢٩.
(١) انظر: "الكشاف" ١/ ٦٧.
(٢) في (ب): (جهة).
(٣) ورد البيت في الطبري ١/ ٧٢، "الكامل" ٢/ ١٩٩، "المقتضب" ٣/ ٢٢٤، (الهمع) ٣/ ١١٠، "اللسان" (حنن) ٢/ ١٠٣٠، ورواية الطبري (ولا تعجلني) وبقية المصادر (تحنن علي).
(٤) في (ب)، (ج): (أو).
(٥) وهذا هو المعنى الذي ارتضاه الطبري ١/ ٧٢، وذكره الزجاج في "المعاني" ص ١٢، والماوردي ١/ ٥٨، والبغوي ١/ ٥٤، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ١٥، والرازي ١/ ٣٥٧، وقد ذكر الماوردي وابن الجوزي والرازي معاني أخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>