للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى هذا انتصب {مَثَلًا} على التمييز، و {سَاءَ} هاهنا بمنزلة (بئس)، ألا ترى أن ابن عباس فسره به، ولو قلت: (بئس) رجلاً زيد، نصبت رجلاً على التشبيه بالمفعول، وهو بمعنى التمييز؛ لأنك إذا قلت: (بئس) جاز أن تذكر شيئًا آخر سوى مثلاً، ورجلًا (١) من حمار وفرس، وأي ما كان (٢)، فإذا ذكرت نوعًا ميزته من سائر الأنواع، وفي (ساء) ضمير فاعل لأنه فعل والفعل لا يخلو من فاعل فصار المميز كالمفعول، وارتفع {الْقَوْمُ} لأنه أقيم مقام المضاف، والمضاف كان يرتفع كما يرتفع (زيد) في قولك: بئس رجلاً زيد، وارتفاعه من وجهين: أحدهما أن يكون مبتدأ ويكون (بئس) وما عملته فيه خبره، والثاني: أن يكون لما قلت: بئس رجلاً، قيل لك: من هو، فقلت: زيد، أي: هو زيد، فيكون رفعه على أنه ابتداء محذوف (٣).

وقال بعضهم: (تقدير الآية (٤): ساء مثل القوم، ثم حول الفعل من المثل إلى القوم فخرج المثل مفسرًا كقولهم: قَرَّ بِهِ عينًا، وضاق به (٥) ذرعًا، وطاب زيدٌ نفسًا، وألم رأسه، ووجع بطنه) (٦).


(١) في (ب): (ورجلًا بين حمار وفرس).
(٢) انظر: "الكتاب" ٢/ ١٧٥ - ١٧٩.
(٣) ذكره أبو علي في "الإيضاح" ص ١٢٦ - ١٢٨، وانظر: "البيان" ١/ ٣٨٠، و"الفريد" ٢/ ٣٨٦.
(٤) ذكره الثعلبي ٦/ ٢٤ ب، وقال مكي في "المشكل" ١/ ٣٠٦: (في {سَاءَ} ضمير الفاعل و {مَثَلًا} تفسير و {الْقَوْمُ} رفع بالابتداء وما قبله خبره أو رفع على إضمار مبتدأ تقديره: ساء المثل مثلاً هم القوم الذين. مثل: نعم رجلاً زيدُ) اهـ. وانظر: "غرائب الكرماني" ١/ ٤٢٨
(٥) لفظ: (به) ساقط من (ب).
(٦) انظر: "تفسير الثعلبي" ٦/ ٢٤ ب

<<  <  ج: ص:  >  >>