للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الزجاج: وإنما سألوا عنها لأنها كانت حرامًا على من كان قبلهم (١).

وقيل: (عن) معناه (من) أي: يسألونك من الأنفال أن تعطيهم، فهذا سؤال استعطاء، يدل على هذا المعنى ما روي عن الخليل أنه كان يقول: (عن) هاهنا زيادة صلة، معناه: (يسألونك الأنفال) (٢)، وكذلك هو في قراءة ابن مسعود، وهو قول الضحاك وعكرمة (٣).


= وهو قول فيه نظر من عدة أوجه:
أولاً: أن الجواب يحدد السؤال، فقوله تعالى: {قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} دليل على أنهم سألوا لمن الأنفال؟، ومن المستحق لها؟ أو أنهم سألوا أن يعطوا منها.
ثانيًا: أن أسباب النزول تعين على فهم المراد، وما ورد في أسباب النزول الآية يدور حول ثلاثة أمور:
أ- أن بعض الصحابة سألوا شيئًا من الغنيمة، وهذا ما رجحه ابن جرير في "تفسيره" ٩/ ١٦٨.
ب- أن بعض الصحابة أراد أن يستأثر بما حازه من غنيمة فنزلت الآية تأنيبًا لهم، وهذا معنى سبب النزول الذي ذكره المؤلف في مطلع السورة، وانظر: "الدر المنثور" ٣/ ٢٩١ - ٢٩٥.
ثالثًا: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعد قومًا شيئاً من الغنيمة فاختلف أصحابه -رضي الله عنهم- في ذلك بعد انقضاء الحرب، فنزلت الآية لنزع الغنيمة من أيديهم وتسليمها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع فيها ما يشاء، فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم بالعدل.
انظر: "تفسير ابن جرير" ٩/ ١٧١، وابن أبي حاتم ٥/ ١٦٤٩ - ١٦٥٣.
وبهذا يتبين أن ما ورد من أسباب نزول للآية لا يدل على أن السائل سأل عن حكم الأنفال -كما يقول المؤلف- وإنما سأل عن الأنفال، أو سأل أن يعطى منها.
(١) "معاني القرآن وإعرابه" لأبي إسحاق الزجاج ٢/ ٣٩٩.
(٢) انظر: "البحر المحيط" ٥/ ٢٦٩، و"الدر المصون" ٥/ ٥٥٥، دون تعيين القائل.
(٣) رواه عنهما ابن جرير في "تفسيره" ٩/ ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>