للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن إسحاق: لا تخالفوا أمره وأنتم تسمعون لقوله، وتزعمون أنكم منه (١).

وقال غيره من أهل المعاني: وأنتم تسمعون دعاءه لكم، نهاهم الله عز وجل عن التولي في هذه الحال، ويسعهم الانصراف في غيرها (٢).

وهذا القائل حمل التولي على الانصراف، والأولى أن يحمل ذلك على مخالفة الأمر؛ لأنه وإن أقبل على الرسول بوجهه ولم يعتقد طاعته لم يكن مطيعًا.

وقد حصل في الآية وجهان:

[أحدهما: لا تولوا] (٣) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي: لا تنفضوا عنه، وقد ذم قوماً بالانفضاض عنه في قوله: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة: ١١] الآية، وفي قوله: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا} [النور: ٦٣].

والثاني: أن معنى قوله: {وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ} ولا تعرضوا عن أمره، وتلقوه بالطاعة والقبول، كما قال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور:٦٣].

وذكر أبو علي الفارسي الوجهين (٤) جميعًا (٥)، كما حكيناه.


(١) انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام ٢/ ٣١٤.
(٢) انظر: هذا القول في "الحجة للقراء السبعة" ٢/ ٢٣٤، و"البرهان" للحوفي ١١/ ٣٥ ب، ورده أبو السعود في "تفسيره" ٤/ ١٤ - ١٥.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ح).
(٤) ساقط من (م).
(٥) انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٢/ ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>