للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلم يستجبه عند ذاك مجيب (١)

وقوله تعالى: {إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} قال السدي: هو الإيمان والإسلام، وفيه الحياة (٢)، وعلى هذا معنى الآية: أجيبوا الرسول إذا دعاكم إلى الإيمان, والإيمان حياة القلب، والكفر موته، ويدل عليه قوله تعالى: {يُخْرِجُ الحَىَّ مِنَ المَيِّتِ} (٣) قيل: المؤمن من الكافر، وقال قتادة: يعني: القرآن، أي: أجيبوه إلى ما في القرآن ففيه الحياة والنجاة والعصمة (٤)، وعلى هذا القول: القرآن يحيي؛ لأنه سبب الحياة بالعلم، والجاهل حياته موت؛ لأنه يعيش بجهل (٥)، والقرآن لما كان سببًا للإقتداء كان فيه الحياة النافعة.

والأكثرون على أن معنى قوله: {لِمَا يُحْيِيكُمْ} هو الجهاد (٦) وهو


(١) هذا عجز بيت، وصدره:
وداعٍ دعا يا من يجيب إلى الندى
والبيت للغنوي كما في "الأصمعيات" ص ٩٦، و"نوادر أبى زيد" ص ٣٧، و"مجاز القرآن" ١/ ٦٧، و"شواهد الكشاف" ٤/ ٣٣٠.
(٢) رواه بلفظ مقارب ابن جرير ٩/ ٢١٣، وابن أبي حاتم ٥/ ١٦٨٠، والثعلبي ٦/ ٥٠ ب.
(٣) الأنعام: ٩٥، يونس: ٣١، الروم: ١٩.
(٤) رواه بلفظ مقارب ابن جرير ٩/ ٢١٤، والثعلبي ٦/ ٥٠ ب.
(٥) هذا التعليل فيه نقص بيّن، والأولى أن يقال: إن القرآن يحيي؛ لأنه شامل لجميع ما ذكره المفسرون من أسباب الحياة، فالقرآن داعٍ إلى الإيمان, وداع إلى العمل، وداعٍ إلى الجهاد، وداع إلى الحق، وداع إلى النعيم المقيم، وكل واحد من هذه الأمور سبب للحياة المذكورة في الآية.
(٦) هذا قول عروة بن الزبير وابن إسحاق وابن قتيبة، ولم يذكر المفسرون غيرهم.
انظر: "تفسير ابن جرير" ٩/ ٢١٤، والثعلبي ٦/ ٥٠ ب، والبغوي ٣/ ٣٤٤، والماوردي ٢/ ٣٠٧، و"الدر المنثور" ٣/ ٣٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>