للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: أن هذا أمر باتقاء الفتنة التي تتعدى الظالم فتصيب الصالح والطالح جميعًا ولا تقتصر على الذين ظلموا دون غيرهم، وهذا مذهب ابن عباس؛ لأنه قال في هذه الآية: أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بالعذاب (١)؛ فعلى هذا الفتنة هو إقرار المنكر وترك التغيير له، ونحو هذا قال أبو روق والكلبي وابن زيد.

قال أبو روق: تصيب الصالح والطالح (٢).

وقال الكلبي: تصيب الظالم والمظلوم، ولا يكون بالظلمة وحدهم خاصة، ولكنها عامة (٣).

وقال ابن زيد: الفتنة: الضلالة (٤)، يعني افتراق الكلمة، ومخالفة بعضهم بعضاً.

ووجه الإعراب على هذا التفسير ما ذكره الفراء (٥) وحكاه الزجاج عنه (٦)، وهو أن قوله: {لَا تُصِيبَنَّ} جزاء فيه طرف من النهي، نحو قولك: أنزل عن الدابة لا تطرحك، ولا تطرحنَّك (٧)، فهو جواب الأمر بلفظ


(١) رواه ابن جرير ٩/ ٢١٨، وابن أبي حاتم ٥/ ١٦٨٢، وهو من رواية علي بن أبي طلحة الصحيحة.
(٢) ذكره هذا القول من غير نسبة: أبو حيان في "البحر" ٤/ ٤٨٢ - ٤٨٣، ولم أجد من ذكره عن أبي روق.
(٣) رواه الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص ١٧٩ مختصرًا عن الكلبي عن ابن عباس.
(٤) رواه ابن جرير ٨/ ٢١٩، وابن أبي حاتم ٥/ ١٦٨١.
(٥) انظر: "معاني القرآن" ١/ ٤٠٧.
(٦) لم يصرح الزجاج باسم الفراء بل قال: زعم بعض النحويين ... إلخ. انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤١٠
(٧) في (ح) و (س): (ولا تطرحك) , وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>